عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2020-11-22, 07:36 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 2,686
افتراضي الداء والدواء / د. عثمان قدري مكانسي

الداء والدواء

الدكتور عثمان قدري مكانسي



كثرت المصائب في أمتنا، وتتابعت بكلكلها الثقيل، لا يكادُ يتحطم المرء تحت ثقل إحداها ، فتشغله بعِظمها ويكتوي بنارها حتى تفجؤه غيرُها ، فتغطي على ما قبلها .وتطحنه بتبعاتها ، فينسى المرء لجسامة الفتن والمصائب أو يتناسى ما كان فيه من محنة حين تنزل المحنة التالية ببابه ، وتأخذ بلبه وفكره وتذيقه الالم الواناً. ( فتن كقطع الليل المظلم يصير الحليم فيها حيران).
صوّر أميرُ الشعر المتنبي هذه الحالَ ببيته المشهور :

وكنتُ إذا اصابتني سهامٌ * تكسَّرتِ النصالُ على النصالِ

تصوير بديع للفتن المتراكمة والمصائب المتتابعة،التي تصب حُمَمها على الإنسان في هذا الزمن الكئيب ، فلا تجد لها مكاناً في قلب الرجل أو صدره لكثرة ما يعاني مما سبقها.
ولعل الشاعر نفسه –وهو شاعر الحكمة- يخاطب الحمى – وهي من الأمراض الشديدة التي تحرق المرءَ جسمَه وقلبَه ومشاعرَه-

أبِنتَ الدهر، عندي كلُّ بنتٍ * فكيف وصلتِ أنتِ من الزحامِ

نخاطب – نحنُ- ببيته هذه الكوارثَ والفتنَ والملاحمَ المنصبّة على أمتنا انصباب الشلال الهادر ، فنتساءل عن تكاثرها وتزاحمها علينا . والجواب لمن اراده أمامَنا ، أجل أمامنا.
ولعله يعبر عن ضيقه بها فيقول:

يضيق الجسمُ عن نَفَسي وعنها * فتوسعُه بانواع السقامِ

عدوّنا – لضعفنا واستكانتنا- لا يترك لنا سويعة نرتاح فيها،فهو حريص على اشغالنا بهمومنا وآلامنا كي لا نفكر في تغيير حالنا إلى الإصلاح بلهَ الدفاع عن أنفسنا .

ولن نتخلص من هذه الآفات والأوبئة التي تجتاحنا إلا بالعودة إلى نبع القوة وإكسير الحياة، إلى ديننا الحنيف وقرآننا الكريم وسنة نبينا المطهرة ، قال تعالى :
{ إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)} [الإسراء] .

فهل من لبيبٍ يلجأ إلى الطبيب؟
وهل من ذكي أريب وواعٍ نجيب يعود إلى السبيل القريب ؟
رد مع اقتباس