عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 2007-09-02, 10:43 PM
الثوري الثوري غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-24
المكان: أرض الله
المشاركات: 37
افتراضي

وقد رثيته ـ رحمه الله ـ بهاتين المقالتين :

بالله عليك [9]

بالله عليك يا مهاتفي هل مات الشيخ ؟ قال : ( نعم ) . قلت راجيا أن يكون مخطئا : ( الشيخ عبدالعزيز ) ؟ قال : ( نعم ) فسكتُ ، وسالت العبرات تلو العبرات ، وبقيت بين أن أصدق الخبر أو أكذبه ولكنه قال : إنه متأكد من صحة الخبر ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، كنت على يقين أن كل حي يموت ، وأن البقاء لله ، ولكني كنت أخشى من هذا اليوم منذ عدة سنوات ، واُدْعُوَ الله جل وعلا في كل صلاة منذ سنين أن يمتعنا بحياة الشيخ ، وأن ينسأ في أجله ، للآتـي أعلم كما يعلم غيري من هو الشيخ إنه إمام في العلم ، وهناك علماء ، وإمام في الخلق ، وهناك أناس ذو خلق ، وإمام في الكرم ، وهناك أهل كرم ، وإمام في الإحسان ، وهناك محسنون ، وإمام في الزهد ، وهناك زهاد ، وإمام في العبادة ، وهناك عبّاد ، وإمام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهناك آمرون بالمعروف ، وإمام… ، وإمام … ، ولكن عقمن النساء أن يلدن من يجمع كل هذه الصفات ، كنت أعلم أنه سيموت ، ولكن من للعلم والدعوة والأمر بالمعروف ومن للمساكين وذوي الحاجات ، من للأجيال يربها بحسن الخلق وكمال العلم والإيمان .

قال لي صاحبي :
أنسيت أن الموت حق واقع ونهاية كتبت على الإنسان ؟
أنسيت أن الله يبقى وحده وجميع من خلق الميهمن فان ؟
أنسيت ؟ لا والله لكني إلى باب الرجاء هربت من أحزاني

يا صاحبي :
إن موت الشيخ ـ رحمه الله ـ ليس كموت رجل من الناس بل إنه موت لكثير من العلم وموت لكثير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الله تعالى يحفظ البلاد بالعلماء العاملين والشيخ رأس في هذا فإن الأمة لا تهلك ما وجد المصلحون .
وإنّا نعلم أن الشيخ قدم على ربٍ رحيمٍ غفورٍ يرحم المسلم المقصر العاصي فكيف برجل عاش كل حياته للإسلام والمسلمين ، ولكن حالنا نحن كحال أم أيمن ـ رضي الله عنها ـ فقد جاءها أبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ يَزُورُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالا لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَتْ :مَا أَبْكِي أَنْ لا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلا يَبْكِيَانِ مَعَهَا ) ونحن والله لا نبكي على الشيخ فما عند الله خير له وأبقى ولكن نبكي على أنفسِنا ؟

بقينا نتذاكر أنا وصاحبي شيئا من مآثر الشيخ وخلقه فتذكرتُ معاملته مع الناس فقد كان يفتح مكتبه من أول وقت الدوام إلى آخره وكذلك في منـزله فهو يرد على الهاتف ، ثم يرد على الفتاوى المكتوبة ، ويسمع حاجات الناس ويسعى على قدر استطاعته لحلها ، ومن ذلك أنه جاءه رجل وأنا في منـزله فقال : ( يا شيخ أنا عامل والنظام لا يسمح بِاسْتِقْدَام زوجتي فهلا كتبت للجهات المسؤلة لعلهم يوافقون ) فقال الشيخ : ( إن شاء الله اكتب لي ويكون خير ) .وهذا عليه دين وهذا يريد الزواج وهذه لديها أيتام ولا عائل لهم وغيرهم كثير. وقد سأله رجل ـ بعدما رأى من حاله العجب ـ كيف لا تتعب من كثرة أعمالك ودخول الناس عليك وعرضهم لحاجاتهم فقال للسائل بعد إلحاح : ( يا بني إن الروح إن كانت تعمل لم تتعب الجوارح ) أي إن كانت الروح حاضرة فإن الجوارح تبع لا تتعب .

وإذا كانت النفوس كِبَارًا *** تعبت في مرادها الأجسام

وكان يفتح بيته لطعام الغداء والعشاء فيأتيه كلٌ بحاجته . ولم يأكل الشيخ طعاماً لوحده منذ خمسين سنة ، وما كان الشيخ يضيق صدره بسائل ولا مستفتٍ ، ويتحمل من الناس ما لا يستطيع أكثر الناس تحمله ، بل حتى أولئك النفر الذين كان الشيخ يخالفهم ما كان يسبهم ولا يهينهم بل يترفق بهم حتى قال أحد مخالفي الشيخ : ( ابن باز صحابي لم ير النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ) فالقائل أراد أن خلقه كخلق الرعيل ا لأول الذي رباه محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ .

ولا يعرف أن الشيخ انتصر لنفسه أَبَدًا ، بل لقد سمعت رجلاً يقول له : ( يا شيخ لقد اغتبتك فحللني ) فقال الشيخ ـ رحمه الله ـ : ( ظهري حلال لكل مسلم ) !!! .
بل لقد قيل له في محاضرة عامة : ( أن الشيخ فلان يقول إنك مبتدع ‍فما رأيك ) ؟؟ فقال ـ رحمه الله ـ : ( هو عالم مجتهد ) !!! .

أما أمره بالمعروف فقد كان الشيخ ـ رحمه الله ـ مثالا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فما يكاد يسمع بمكان يحصل فيه منكر إلا طلب من أهل العلم في ذلك المكان التحقق والكتابة له ؛ فإن أكدوا له ذلك كتب للمسئول عنه وخوّفه بالله وأكد عليه ضرورة إزالته ، وكان يتابع خطاباته ليتأكد من إزالة هذا المنكر ، وكم جاءنا في مكتب الدعوة من خطاب يطلب التأكد من وقوع بعض المنكرات .
ولم يكتف بالأمر بالمعروف داخل المملكة بل أرسل برقيات لعدد من الحكام يأمرهم فيها بالمعروف وينههام عن المنكر .

ولما سمع الشيخ ـ رحمه الله ـ بأحد حكام الدول العربية وهو يسجن المؤمنين ويعذبهم ويقهرهم كتب له يخوفه من عذاب الله ويذكره بالله لعله أن يرتدع أو يتوب .

وكم كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ لكثير من الصحف يرد على أولئك الكتّاب الجهلة الذين يجاهرون بالفسق والدعوة إليه ، وهم يلبسون لباس التقوى ، أو أولئك الجهلة الذين يفتون من غير علم بالكتاب والسنة . وكان ـ رحمه الله ـ يفرق بين من شهد له بالأعمال الحسنة وبين أهل السوء .

رد مع اقتباس