عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2015-02-07, 12:22 PM
أبو عبد الرحمن القيسي أبو عبد الرحمن القيسي غير متواجد حالياً
مشرف قسم عقيدة أهل السنة والجماعة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-03
المشاركات: 66
افتراضي السلف و عصمة الأنبياء من الصغائر

السلف و عصمة الأنبياء من الصغائر



عن عائشة رضي الله عنها : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة : لم تصنع هذا يا رسول الله ، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ قال: « أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا فلما كثر لحمه صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع»[1] فقد تعجبت السيدة عائشة رضي الله عنها من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إعمار وقته بالعبادة و الطاعة مع أن الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و استفهمت عن السبب قائلة : لم تصنع هذا يا رسول الله ، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ و لم تقل لم تصنع هذا يا رسول الله و أنت معصوم من الذنوب ؟ و أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفهم و أنه رغم أن ذنوبه مغفورة إلا أنه يحب أن يكون عبدا شكورا .


وعن المغيرة رضي الله عنه ، قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: «أفلا أكون عبدا شكورا»[2] و هذا الحديث مثل الذي يسبقه و هو دال على أن الفهم الذي كان مستقرا عند الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تقع منه صغائر و لكن الله قد غفرها له .

و في قول موسى عليه السلام : ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ قال ابن جريج ( ت : 150 هـ ): ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر، ولم يُؤمر[3] ، و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن موسى عليه السلام قد فعل ذلك و ما كان ينبغي له أن يفعله

و في قوله تعالى : ﴿ يَامُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ قال ابن جريج : لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم ، فإن أصابه أخافه حتى يأخذه منه[4] .

و في قوله تعالى : ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا ﴾[5] قال مقاتل ( ت : 150 هـ ): أكثر ذكر ربك وَاسْتَغْفِرْهُ من الذنوب إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً للمستغفرين[6] و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن الله يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذكره و الاستغفار من الذنوب .



قال الطبري ( ت: 310ه) : (( وقوله ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ يقول: وخالف أمر ربه، فتعدّى إلى ما لم يكن له أن يتعدّى إليه، من الأكل من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، وقوله (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) يقول: اصطفاه ربه من بعد معصيته إياه فرزقه الرجوع إلى ما يرضى عنه، والعمل بطاعته ، و ذلك هو كانت توبته التي تابها عليه، وقوله (وَهَدَى) يقول: و هداه للتوبة ، فوفَّقه لها ))[7] و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن آدم عليه السلام قد خالف ما أمره الله به فوقع في المعصية و استغفر و تاب الله عليه .

نخلص مما سبق أنه كان من المستقر عند السلف أن الأنبياء قد يقعون في الصغائر فيسارعون في التوبة فيغفر الله لهم .





[1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 4837
[2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 4836
[3] - تفسير الطبري 19/541
[4] - تفسير الطبري 19/432
[5] - النصر الآية 3
[6] - تفسير مقاتل 4/905
[7]- تفسير الطبري 18/388
__________________


قال الإمام البربهاري رحمه الله :
اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر...
وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع.
« شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35)

قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل-
" يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ "
قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله )
سير أعلام النبلاء » للذهبي
(11/296)

رد مع اقتباس