عرض مشاركة واحدة
  #64  
قديم 2012-11-17, 06:28 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

قتلى الفريقين‏‏ :
قتل كما قلنا من المسلمين سبعون ، وقتل من المشركين ثمان وثلاثون ، أو سبعة وثلاثون على خلاف في الروايات .
ومن أراد أن يعرف ما دار في هذه المعركة بصورة عامة فعليه بقراءة سورة آل عمران ، فإن سورة آل عمران قد تكلمت في هذه المعركة بشيء من التفصيل وذكرت بعض الحوادث في هذه المعركة ، ومنها قول الله تبارك وتعالى : ‏{‏وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ‏}‏ ‏[‏ آل عمران‏:‏ 121 ‏]
وقول الله تبارك وتعالى: ‏{‏مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 179‏]‏‏.‏


الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة‏


تكلم ابن القيم رحمه الله تبارك وتعالى عن الحكم والغايات والفوائد من تلك المعركة ألا وهي أحد ، ولا بأس أن نذكر بعض كلامه .قال: وما كان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها:
_أولا: تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي؛ لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يبرحوا منه‏.‏

_ثانيا: أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة في النهاية، والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائماً دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انكسروا دائماً لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب، وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفياً عن المسلمين، فلما جرت هذه القصة، أظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحاً، وعرف المسلمون أن لهم عدواً في دورهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم‏.‏ (يعني مثل هذه المعارك تميز الصفوف ، إذا كان دائما النصر المنافق ينضم إلى المسلمين ، لأنه دائما غنائم ودائما النصر ، ودائما الغلبة فينضموا لهم فإذا أوقع الله تبارك وتعالى الخسارة أو الهزيمة أو القتل أو الإنكسار للمسلمين فإن هذا مما يميز الصفوف ، وذلك أن المنافقين سيظهرون نفاقهم ، والمؤمنون سيظهرون إيمانهم فتمتاز الصفوف ، ويعرف المؤمن من المنافق فإذا كان دائما النصر لا تتميز ، وإذا كانت الهزيمة ما يتحقق مقصود بعث الرسل ، فإنما أرسل الله الرسل ليظهروا دينه: "فهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله" ، فلو كانت دائما الهزيمة ما ظهر هذا الدين ، فهزيمة ونصر حتى يظهر الله تبارك وتعالى الدين كله على الأرض كلها).

_ومنها أيضا ثالثا يقول: أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضـماً للنفس، وكسراً لشـماختها، فلما ابتلي المؤمنـون صـبروا، وجـزع المنافقون‏.(أي حتى ‏الإنسان لا يصيبه الكبر والعجب بنفسه فيهزم أحيانا ، وينتصر أحيانا ليعلم أن الأمر بيد الله تبارك وتعالى).

_الأمر الرابع : أن الله هيأ لعباده المؤمنين منازل فى دار كرامته(أي الجنة) لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها‏.‏(يعني لو لم يكن هناك الجهاد ما نال المسلمون الفردوس الأعلى عند الله تبارك وتعالى ، ولا شفع لسبعين من أهله لو لم يكن الجهاد، ولا غفر له مع أول قطرة دم تخرج ، ولا عصم من فتنة القبر ، ولكن الله تبارك وتعالى يريد أن يرفع درجاتهم سببحانه وتعالى فكان الجهاد وكان القتل الذي يقع على المسلمين).

_خامسا : يقول: أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها الله تبارك وتعالى إليهم‏ سوقا.‏

_سادسا: أنه أراد سبحانه وتعالى إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التى يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه ، فمحص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين‏.

ولا شك أن هناك كذلك فوائد أخرى ولكن هذه بعض الفوائد التي ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله تبارك وتعالى.
رد مع اقتباس