عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 2012-10-17, 06:15 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

مؤامرة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم :


بعد هذه الهزيمة المنكرة لأهل مكة تآمر رجلان من أهل مكة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن رجلا يقال له عمير بن وهب الجمحي جلس مع صفوان بن أمية في الحِجْر وكان لعمير ابن يقال له وهب وهو من الأسرى، أسر مع الأسرى في المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم. فجلس صفوان بن أمية مع عمير بن وهب فتذكرا المصيبة التي وقعت لأهل مكة بهذه الهزيمة المنكرة في بدر . فقال صفوان‏ بن أمية لعمير بن وهب:‏والله إن في العيش بعدهم خير(أي ليس في العيش بعدهم خير حيث إن هنا إن نافية كما في قول الله تبار وتعالى :"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يخرجوكم عن دينكم إن استطاعوا"البقرة أي لن يستطيعوا‏.‏ فإن هنا نافية ، فقوول صفوان : ووالله إن في العيش بعدهم خير. أي ليس في العيش بعدهم خير.
فقال له عمير‏:‏ صدقت والله، أما والله لولا دَيْن على ليس له عندي قضاء، وعيال أخشي عليهم الضَّيْعةَ بعدي لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ عِلَّةً، ابني أسير في أيديهم‏.‏
فقال له صفوان وقد استغل هذه الكلمات‏:‏ دينك علي، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيإلى، أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم‏.‏
فقال له عمير وقد ألزم بما قال‏:‏ فاكتم عني شأني وشأنك‏.‏ قال‏:‏ أفعل‏.‏
ثم أخذ عمير سيفه ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما هو على باب المسجد ينيخ راحلته في المدينة رآه عمر بن الخطاب ـ وهو في نفر من المسلمين _فقال عمر‏:‏ هذا عدو الله عمير ما جاء إلا لشر‏.‏ ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ يا نبي الله، هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحاً سيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏فأدخله علي‏"، فأقبل إلى عمير فلَبَّبَهُ بحَمَالة سيفه (ضمه ضما بحيث لا يستطيع أن يلمس سيفه)، وقال لرجال من الأنصار‏:‏ ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه ـ قال‏:‏ "‏أرسله يا عمر، ادن يا عمير"، فدنا وقال‏:‏ أنْعِمُوا صباحاً(عمير يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أنعموا باحا)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة"‏‏.‏_إذن لا ينبغي حقيقة إذا دخل رجل أو دخل على أحد أن نقوول له مرحبا أو نقول مساكم الله على خير ، أو غير هذه الكلمات ، وإن كان في أصلها هي جميلة وطيبة، ولكن بعد السلام . فالأولى أن يبدأ الإنسان بالسلام فيقول السلام عليكم ثم إن شاء قال مرحبا ، حياكم الله ، مساكم الله بخير وما شابه ذلك من الكلمات ، فأما البداية فالمسلم لا يبدأ إلا بالسلام.
ثم قال له النبي صلى اله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏ما جاء بك يا عمير ‏؟"‏ قال‏:‏ جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه‏.‏
قال‏:‏ ‏‏"‏فما بال السيف في عنقك‏؟" قال‏:‏قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئاً ‏؟‏
قال‏:‏ ‏‏"‏أصدقني، ما الذي جئت له ‏؟‏‏" قال‏:‏ ما جئت إلا لذلك‏.‏
قال‏:‏ "‏بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت‏:‏ لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً، فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائل بينك وبين ذلك‏"‏‏.‏
استغرب عمير كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، فقال عمير‏:‏ أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم تشهد شهادة الحق‏ أي قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره".‏

فأما صفوان في مكة فكان ينتظر خبر قتل النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقول‏ لأهل مكة :‏ أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر‏.‏ وكلما جاء ركب قال لهم ما حال عمير ،حتى جاء ركب قال لهم ما حال عمير ؟ فقالوا له: أسلم. فحلف صفوان ألا يكلمه أبدًا ‏.‏
ورجع عمير إلى مكة وأقام بها يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يديه ناس كثير‏.‏ سبحان الله خرج لكي يقتل النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع داعية إلى الله تبارك وتعالى يأمر الناس بالإسلام فأسلم على يديه كثير من الناس.



بنو قَينُقَاع ينقضون العهد‏:
إن النبي صلى الله عليه وسلم عقد معاهدات مع اليهود في المدينة ، وكان ممن عقد معهم المعاهدات بنو قينقاع ، وكانوا أشر الطوائف وأشجعهم ، وكانوا يسكنون داخل المدينة في حي باسمهم أي حي اسمه بنو قينقاع. وكانوا صاغا أي حدادا وحدادين وصناع الأواني وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة وهم أول من نكث العهد والميثاق مع النبي صلى الله عليه وسلم.
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع‏.‏ فقال‏:‏ "يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله تبارك وتعالى‏_مدافعا عن نبيه صلى الله عليه وسلم_:‏ ‏{‏قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ‏ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏آل عمران 12، 13‏]‏‏.‏
وقد روى ابن هشام في سيرته عن أبي عون‏:‏ أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها(جلب أي بضاعة)، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي لا تعلم ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحك عليها اليهود فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فقام اليهود وقتلوا المسلم ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع بينهم شر (أي قتال داخل السوق ‏.‏
عند ذلك قام النب صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر، وأعطى لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، فلما رأوه _أي اليهود_ تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار صلوات الله وسلامه عليه في حيهم الذي هم فيه، وذلك في شوالمن السنة الثانية للهجرة ، واستمر الحصار خمس عشرة ليلة ، وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فكتفوا‏.‏
وعند ذلك قام االخبيث عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم، فقال‏:‏ يا محمد، أحسن إلى موالي ـ وكـانوا حلفـاء الخزرج وهو سيد الخزرج من كبار ساداتهم ـ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فكرر مقالته فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم،فأمسك بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏أرسلني‏"‏، ثم قال‏:‏ "ويحك، أرسلني"‏‏.‏ فقال المنافق‏:‏ لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع منعوني من الأحمر والأسود(أي لما كانوا من موالي)، وتحصدهم في غداة واحدة ‏؟‏ إني والله امرؤ أخشي الدوائر‏.‏
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم لك فوهبهم له، ولكن أمرهم أن يخرجوا من المدينة وأن لا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام‏.‏
رد مع اقتباس