عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 2012-07-28, 08:51 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



خطة قريش في قتل النبي صلى الله عليه وسلم والمر بالهجرة إلى المدينة:


وفي شهر صفر من السنة الرابعة عشر من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم،اجتمع أهل مكة على أمر عظيم ما اجتمعوا على مثله قط ، وذلك أنهم اجتمعوا دار الندوة‏ وتعاقدوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الرأي كان رأي أبي جهل رأس قريش في ذلك الوقت . فقال ابو جهل : والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد؟ قالوا : وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتا شابا جليدا نسبيا وسيطا فتيا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ، ثم يعمدوا إليه (أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فيرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم(يدفع لهم الدية بعد ذلك).
بعد هذا الأمر الخطير أرسل الله تبارك وتعالى جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى يأمره بالهجرة، فذهب النبي صلى الله عليه ويلم في الهاجرة(أي قبيل الظهر) إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليبرم معه مراحل الهجرة تقول عائشة ‏:‏ بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر‏:‏ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعًا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، تقول عائشة:فقال أبو بكر‏:‏ فداء له أبي وأمى، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر(أي أمر مهم)‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر‏:‏ ‏"أخرج مَنْ عندك"(يعني أريد أن أخبرك بأمر مهم سري لا يجوز أن يطلع عليه أحد)‏‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله ‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فأني قد أذن لى في الخروج‏"، فقال أبو بكر‏:‏ الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏نعم‏‏‏.‏
فبقي النبي صلى الله عليه وسلم إلى عتمة الليل وكفار مكة عند باب النبي صلى الله عليه وسلم ساهرون يردون قتل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنزل الله تبارك وتعالى :" وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "الأنفال 30.
هذا مكرهم وهو أنهم قد اجتمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتله شباب أقوياء فيتفرق دم النبي صلى الله عليه وسلم في القبائل فيقبلوا بنو عبد مناف الدية ، هذا مكرهم، وللنظر إلى مكر الله تبارك وتعالى كف صنع الله تبارك وتعالى كيف صنع الله تبارك وتعالى بهم كما قال جل وعلا:"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا"الطارق 15 16 17".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي وتَسَجَّ ببردي فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم . هذا تصبير من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب .
وقد أبقي النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ، وهذا يدلنا على أمرين اثنين وإن كانت أكثر من أمر ، ولكن نريد أن ننبه إلى أمرين اثنين أرى أنهما من أهم الأمور:
أولهما هو أن كفار مكة كانوا يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم كاذب، ساحر، شاعر ،مجنون ، كذَّاب وغير ذلك من الصفات التي اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بها وهم في ذلك كاذبون ، هم لا يصدقون ما يقولون ولذلك كانوا يضعون أماناتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فهل يجوز أن يعطي عاقل الأمانة إلى رجل يرى أنه كذاب ، أو أنه مجنون ، أو أنه ساحر ، أو شاعر ، هذا لا يمكن
أبدا . فدل هذا على أنهم لا يكذبونه . كما قال الله تبارك وتعالى :" فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون".
_أما الأمر الثاني فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمينا لما أرادوا قتله ما قالوا أنا آخذ أموالهم لأنهم يريدون قتلي فأنا أستحقها ، أبدا ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه :" أدّ الأمانة إلى من إئتمنك ولا تخن من خانك"(أي وإن خان هو فأنت لا تخن ) فالمؤمن من لا يخون أبدا فتبقى أخلاق المؤمن شامخة عالية شامخة وإن غدر من غدر من الكافرين . الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما عزم على الخروج من بيته صلوات الله وسلامه عليه ، وأولئك الشبان الأقوياء المسلحون ينتظرون عند باب النبي صلى الله عليه وسلم ، ينتظرون خروجه ليقتلوه ، خرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ألقى الله تبارك وتعالى عليهم النوم جميعا ، خرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم واخذ حفنة من البطحاء(يعني من التراب) فجعل يذره على رءوسهم(أي جعل التراب فوق رؤوسهم)، وكان الله قد أخذ بأبصارهم عنه فلا يرونه، والنبي يتلو صلوات الله وسلامه عليه‏:‏ ‏"‏وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ‏"‏ ‏[‏يس‏:‏9‏]‏‏.‏ فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابًا، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلًا(خوخة الباب الصغير ) حتى لحقا بغار ثَوْر في اتجاه اليمن‏.‏هذا هو مكر الله تبارك وتعالى كيف هم مكروا وكيف الله جل وعلا مكر لنبيه صلى الله عليه وسلم.
وبقوا هكذا واقفين حتى جاءهم رجل ممن لم يكن معهم ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟ قالوا : محمدا. قال: خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم . فوجدوا التراب وقاموا ينفضون وقالوا: والله ما أبصرنا.
ثم نظروا إلى داخل البيت فرأوا علا فقالوا : هذا والله محمد إنه نائم ، قلم يبرحوا كذلك حتى أصبح .
وقام علي عن الفراش فسقط في أيديهم فقالوا له: أين محمد؟ قال: لا علم لي .
رد مع اقتباس