
2012-07-27, 02:00 PM
|
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
|
|
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
|
|
السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)
بيعة العقبة الثانية : ثم كانت بعد ذلك بيعة العقبة الثانية وذلك في السنة الثالثة عشرة من البعثة حج من المسلمين من أهل المدينة بضع وسبعون نفسًا من المسلمين ضمن حجاج قومهم من المشركين[ لأن المدينة ما زال فيها من مشركون وفيها مسلمون، وكان المسلمون يقولون :حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخوف صلوات الله وسلامه عليه؟
يقول كعب بن مالك :خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق أي في الثاني عشر من ذي الحجة، يقول: وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حَرَام سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، [وهذا والد جابر بن عبد الله الصحابي ] ، يقول:أخذناه معنا ـ وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا [ أي لا نظهر لهم أننا مسلمون وأننا مواعدون للنبي صلى الله عليه وسلم]، يقول: فكلمناعبد الله بن عمرو بن حرام فقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدًا. ثم دعوناه إلى الإسلام، وأخبرناه بموعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبًا من النقباء.
قال كعب: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلل القَطَا، مستخفين،[القطا يعني الطير الحمام]، حتى اجتمعنا في الشِّعْب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلًا، وامرأتان من نسائنا؛ نُسَيْبَة بنت كعب ـ أم عُمَارة ـ ،وأسماء بنت عمرو من بني سلمة.
يقول:فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا، ومعه عمه: العباس بن عبد المطلب ـ والعباس يومئذ على دين قومه ـ [إنه عم النبي صلى الله عليه وسلم جاء فأراد أن يعرف ما هم صانعون بابن أخيه ] ، فلما اجتمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول المتكلمين عم النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب، فقال : يا معشر الخزرج [قال الخزرج لأن الخزرج أكثر من الأوس والعرب كانت تسمي الأوس الخزرج لكثرتهم] ، قال : يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث قد علمتم [ أي في النسب ، والمكانة ، والمحبة ] وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه[ يعني على الكفر] ، فهو في عز من قومه ، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الإنحياز لكم ، واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك. وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه. فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده.[ يريد أن يطمئن ما سيكون لابن أخيه صلوات الله وسلامه عليه].
فقال كعب: فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تبايعوني. فقالوا: يا رسول الله ، نبايعك على ماذا؟ قال:
على السمع والطاعة في النشاط والكسل. وعلى النفقة في العسر واليسر. وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعلى أن تقوموا في الله ، لا تأخذكم في الله لومة لائم. وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم، وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة.
قال كعب: فتلا القرآن، ودعا إلى الله ، ورغب في الإسلام، ثم قام البراء ابن مَعْرُور فأخذ بيده ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق نبيًا، لنمنعنك مما نمنع أُزُرَنا منه، فبايعنا يا رسول الله ، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الْحَلْقَة، ورثناها كابرًا عن كابر.
يقول: فقام أبو الهيثم بن التَّيَّهَان، فقال: يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالًا[يعني اليهود ، عهود بيننا وبين اليهود]، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله إن ترجع إلى قومك وتدعنا؟[ يعني ترجع إلى مكة وتتركنا].
قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الْهَدْمُ، أنا منكم وأنتم منى، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم.
وفي رواية أن جابرا قال: فقمنا نبايع النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول: فأخذ بيده أسعد بن زرارة فقال: رويدا يا أهل يثرب ، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله . وإن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة، وفيه قتل خياركم، وأن تعضكم السيوف فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله.
يريد أسعد بن زرارة أن يثير فيهم محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم .فقالوا يا أسعد أمط عنا يدك ، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها . فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم وصافخهم إلا الإمرأتين فإنه ما صافح امرأة أجنبية قط صلوات الله وسلامه عليه.
ثم جعل عليهم إثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
أما نقباء الخزرج :
1ـ أسعد بن زُرَارَة بن عدس.
2ـ سعد بن الرَّبِيع .
3ـ عبد الله بن رواحة .
4ـ رافع بن مالك .
5ـ البراء بن مَعْرُور .
6ـ عبد الله بن عمرو بن حَرَام.
7ـ عبادة بن الصامت .
8 ـ سعد بن عبادة .
9ـ المنذر بن عمرو .
وأما نقباء الأوس :
1ـ أُسَيْد بن حُضَيْر .
2ـ سعد بن خَيْثَمَة .
3ـ رفاعة بن عبد المنذر .
ثم بعد ذلك أي بعد أن تمت هذه المبايعة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين بايعوه صاح الشيطان وقال: يا أهل الجَبَاجب ـ المنازل ـ هل لكم في مُحمد والصباة ؟ قد اجتمعوا على حربكم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أزَبُّ العقبة، أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك. ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم.
لما سمعت قريش هذا الصوت جاءت إلى يثرب فقالت لهم:"يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا ، وتبايعونه على حربنا ، وإنه والله ما من خي من العرب أبغض إلينا من أن تنشب معه الحرب منكم.
فقام مشركوا أهل المدينة مشركوا يثرب فقالوا: والله ما وقع شيء من هذا ، ولا تم شيء من هذا . وصاروا يحلفون بالله ما وقع شيء من هذا. فأتى الناس عبد الله بن أبي بن سلول وكان سيدا من سادات الخزرج فجعل يقول: هذا باطل وما كان هذا ، وما كان قومي ليفعلوا مثل هذا إلا وأخبروني.
فاستمرت قريش تبحث وتستقصي الأخبار حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح، والبيعة قد تمت ،فلما نفر الحجيج ، فسارع فرسانهم لمطاردة أهل يثرب، ولكن بعد فوات الأوان، ولكنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر ابن عمرو فطاردوهما، ففر منهم وأعجز المنذر بن عمرو،، وأمسكوا سعد بن عبادة، فربطوا يديه إلى عنقه ، وجعلوا يضربونه ويجرونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة، فجاء المطعم بن عدى والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم؛ وذلك أن سعد بن عبادة من سادات أهل المدينة.
|