
2012-07-27, 10:25 AM
|
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
|
|
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
|
|
السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)
تكذيب قريش النبي صلى الله عليه وسلم للإسراء:
فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم فُوضِع بأمره(أي اشتد عليه الأمر ، كيف يخبرهم؟ كيف سيصدقونه؟) يقول: فارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه بعد أن سمعوا أخبار إسرائه ومعراجه صلوات الله وسلامه عليه ، يقول: وسعى الناس بذلك لأبي بكر ، فقالوا له : هل لك إلى صاحبك ؟ يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس (هو ما ذكر لهم أنه أعرج به إلى السماء ذكر لهم أنه أسري به إلى بيت المقدس صلوات الله وسلامه عليه فاستكبروا هذا واستعظموه) . فقال لهم أبو بكر: أو قال ذلك؟ (يعني أخشى أنكم تكذبون علي) ، قالوا : نعم . قال : لئن كان قد قال ذلك لقد صدق . قالوا : أتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟ قال: نعم ، إني لأصدقه في ما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة.
وقعد النبي صلى الله عليه وسلم معتزلا حزينا ، فمر به أبو جهل ، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ : هل كان من شيء؟ فقال له صلوات الله وسلامه عليه: نعم. قال أبو جهل: وما هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنه أسري بي الليلة. قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس. قال أبو جهل: ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ فقال: نعم. فقال أبو جهل –وكأنه يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكذبه بعد ذلك وخاف أن يجحده_ فقال: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. فقال أبو جهل هيا معشر بني كعب بن لؤي هلم(أي اجتمعوا). فانتفضت إليه المجالس وجاءوا حتى جلسوا إليهما (أي إلى أبي جهل وسيده و سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ). فقال أبو جهل للنبي صلى الله عليه وسلم: حدث قومك بما حدثتني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أسري بي الليلة. فقالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس. قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم. يقول : فمن بين مصفق ، ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب( زعموا وما والله بكذب ولكنه الصدق والحق).قالوا: وتستطيع أن تنعت لنا المسجد (هنا اختبار أي أراد أهل مكة أن يختبروا النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن بعض أهل مكة وصلوا إلى بيت المقدس ورأوه والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمون أنه ما سافر إلى بيت المقدس أبدا فأرادوا أن يتأكدوا من صدقه صلوات الله وسلامه عليه).
فقال صلى الله عليه وسلم: فلما كذبتني قريش ذهبت أنعت لهم ، فما زلت أنعت حتى سألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها (يقول النبي صلى الله عليه وسلم وصفت لهم بيت المقدس ولكنهم صاروا يسألونه عن أشياء دقيقة ما انتبهت إليها خلال مسراي صلوات الله وسلامه عليه). يقول : فكربت كربة ما كربت مثله قط (يعني اشتد الأمر عليه ). يقول : فأثنيت على ربي وسألته أن يمثل لي بيت المقدس (وهنا المؤمن إذا اشتد به الأمر لا ملجأ إليه إلا إلى الله تبارك وتعالى ، فلما لجأ إلى الله جل وعلا فماذا فعل الله به )يقول : فجل الله لي بيت المقدس فكان الله معه (وهكذا المؤمن إذا التجأ إلى الله تبارك وتعالى بصدق فإن الله لا يضيعه أبدا سبحانه وتعالى) يقول: فجل الله لي بيت المقدس فرفعه إلي أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل ( يعني قريب جدا أراه ) . يقول : ما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به ، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه. فقال القوم: أما النعت فوالله لقد صدقت ،( وصف دقيق جدا ). فقال النبي صلى اله عليه وسلم لهم : وإن من آيتي(أي علامة صدقي): ما أقول لكم أني مررت بعير لكم (العير هي القافلة)، بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم ، فجمعه فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا ( هذا ايضا دليل على صدقه صلوات اله وسلامه عليه). قال: يقدمهم جمل آدم ، عليه مسح أسود ، وغرارتان سوداوان . يقول: فلما كان اليوم الذي اشرف الناس ينتظرون حتى كان قريب من نصف النهار ، حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل (الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم) . فقال ناس نحن لا نصدق محمدا بما يقول ، فارتدوا كفارا فضرب الله رقابهم مع أبي جهل .
وهذا يبين لنا أنهم معاندون للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا بعد هذا الوصف الدقيق من النبي صلى الله عليه وسلم ، بعد هذا كله يصرون على استكبارهم وعلى ضلالهم والعياذ بالله .
وهذا الإسرء الذي وقع للنبي صلى الله عليه وسلم له حكم كثيرة.
_ فمن حكمه أن الله تبارك وتعالى أتاح لرسوله محمدا صلى الله عليه وسلم الإطلاع على المظاهر الكبرى لقدرته سبحانه وتعالى حتى يزداد ثقة بالله تبارك وتعالى .
_ وكذلك في قصة الإسراء والمعراج تظهر أواصر قربى بين الأنبياء ، إذ أن الأنبياء جميعا دينهم واحد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنا معاشر الأنبياء إخوة في الله أبونا واحد وأمهاتنا شتى"(يعني الدين واحد لكن الشرائع هي التي تختلف ).
_وفيها كذلك أن الأنبياء بينهم من المودة الشيء العظيم ، وهذا ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مع إخوانه الأنبياء ، وفي كل سماء يأتيها يرحب به أنبياء السماء فيقولون له : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، أو مرحبا بالإبن الصالح والنبي الصالح .
وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم :" مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولوا هلاَّ وضعت هذه اللبنة (حتى يكتمل البناء). يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين" صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا الحديث متفق عليه.
_وكذلك في الإسراء تحقق أن هذا الدين هو دين الفطرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" فاخترت اللبن فقيل لي : اخترت الفطرة ".
|