عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 2012-07-21, 08:42 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



نقض الصحيفة:


وبعد ثلاث سنوات نقضت هذه الصفيحة. وجميلة جدا قصة نقض هذه الصحيفة.
وذلك الذي قام بنقضها ، أو الذي أشعل فتيل نقضها ، رجل يقال له هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي ، و كان هذا الرجل يصل بني هاشم في الشِعْب (أي يخرج إليهم بالليل فيوصل إليهم بعض الأطعمة أو ما يحتاجون إليه) ، وذلك أن هذا الرجل وهو هاشم بن عمرو ذهب إلى زهير بن أبي أمية ، وزهير بن أبي أمية أمه عاتكة بنت أبي المطلب (يعني أن بني هاشم أخواله ) ، عاتكة عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم. فقال له : يا زهير أرأيت تأكل الطعام ، وتشرب الشراب ، وأخوالك بحيث تعلم. فقال : ويحك ، ما أصنع ؟ وأنا رجل واحد. قال: أما والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها. قال: وقد وجدت لك رجلا آخر. قال: فمن؟ قال: أنا . قال له زهير: أبلغنا رجلا ثالثا(أي حتى يتقويا) .
فذهب هشام بن عمرو إلى المطعم بن عدي ، والمطعم بن عدي من بني المطلب ، فجاءه وذكره أرحام بني هاشم ، وبني المطلب ابني عبد مناف ، ولامه على موافقته لقريش على هذا الظلم. فقال له المطعم: ويحك ماذا أصنع؟ إنَّما أنا رجل واحد. فقال له : قد وجدت ثانيا. قال: من هو؟ قال: أنا . قال: أبلغنا ثالثا. قال: فعلت. قال: من؟ قال : زهير بن أبي أمية. قال: أبلغنا رابعا.
فذهب هشام بن عمرو إلى أبي البختري بن هاشم، فقال له نحوا مما قال للمطعم. وقال : هل من أحد يعين على هذا؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: زهير بن أبي أمية ، والمطعم بن عدي، وأنا معك. قال: أبلغنا خامسا. (وهذا يبين أن الكثيرين ما كانوا يرضون بهذا ، ولكنها سلطة الكبار، اتخذ القرار أبو جهل ، وأبو سفيان ، وأبو لهب ، والوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وغيرهم اتخذوا هذا القرار وكان على الجميع السمع والطاعة).
قال: أبلغنا خامسا. يقول فذهب هشام بن عمرو إلى زمعة بن الأسود بن المطلب ( وهذا زمعة يقال أنه والد سودة لزمعة ، ويقال أنه أخوها . والظاهر أنه أبوها لأنها سودة بنت زمعة بن الأسود) ، فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم . فقال له زمعة: وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه أحد ؟ قال: نعم . قال: من؟ قال: زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي ، وأبو البختري بن هشام ، وأنا. فقال زمعة بن الأسود : وأنا معكم.
فاجتمعوا وتعاقدوا على القيام بنقض الصحيفة ، ولكن كيف ؟ كبار قريش هم الذين كتبوها، وهم الذين اتفقوا عليها ، فكيف يستطيع هؤلاء الخمسة أن ينقضوا تلك الصحيفة.
قال زهير: أنا أبدأكم فأكون أول من يتكلم.
فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم (أي مكان اجتماعاتهم ، وكانت حول الكعبة) ، وغدا زهير فطاف بالبيت سبعا ، ثم أقبل على الناس وقال: يا أهل مكة أنأكل الطعام ، ونلبس الثياب ، وبنو هاشم هلكى ، لا يباعون ولا يبتاع ؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
فقال أبو جهل: كذبت والله لا تشق.
هنا قام زمعة بن أبي الأسود فقال: أنت والله أكذب ، ما رضينا كتابتها حين كتبت.
فقام أبو البختري وقال: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقرُّ به.
فقام المطعم بن عدي وقال: صدقتما وكذب من قال غير ذلك . نبرأ إلى الله منها ، ومما كتب فيها.
فقام هشام بن عمرو وقال: صدقتم وكذب من قال غير ذلك ، نبرأ إلى الله منها.
عندما تكلم هؤلاء الخمسة بهذه الصورة أمام الناس جميعا، وكما قلت كثير من الناس لم يرضوا بها ، ولكن الكبار هم الذين قرروا وخطَّرُّوا ، واجتمعوا على تلك الصحيفة .
فقام أبو جهل فقال: هذا أمر قضي بليل، تُصُوِرَ به في غير هذا المكان(يعني أن أبا جهل فهم القضية ، وعرف أن هؤلاء الخمسة ما قاموا حمية بمجرد أن قام زهير ، وإنما قضية متفق عليها ، اتفقوا عليها ليتكلموا بهذه الطريقة ) ، فسكت أبو جهل عند ذلك. فلما سكت الجميع ، وكان أبو طالب موجودا في ذلك الوقت ، قام أبو طالب وقال : إن الله قد أخبر رسوله (أي النبي صلى الله عليه وسلم) على أمر الصحيفة ، وقد أخبرني ابن أخي أن الله قد أرسل عليها الأرضة (الأَرَضَة يعني الدود التي تأكل الورق وغيره) ، فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم ، إلا ما فيه حق(يعني كل شيء باطل في هذه الصحيفة أكل ، وما بقي في هذه الصحيفة إلا الحق) ، فإن كان ابن أخي صادقا فتُنهوا هذه المقاطعة، وإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه فافعلوا ما شئتم به. قالوا : أنصفت.
فقام المطعم بن عدي إلى الصحيفة فوجدها قد أكلت ، فما بقي فيها إلا قولهم: باسمك اللهم.(وما كان فيها اسم الله تبارك وتعالى فإنها لم تأكله، وما غير ذلك قد أكِل كله).
فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجع معه إلى مكة مرة ثانية.
رد مع اقتباس