
2012-07-21, 07:20 AM
|
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
|
|
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
|
|
السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)
المقاطعة التامة: بعد أن خرج عتبة بن ربيعة من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما قال ، رأت قريش أنه لا بد من حل لهذه المشكلة التي وقعت لهم ، فرأوا أن تكون المقاطعة التامة لبني هاشم. وذلك أنهم اجتمعوا فتحالفوا على بني هاشم ، وبني المطلب على أن لا يناكحوهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يجالسوهم ، ولا يخالطوهم ، ولا يدخلوا بيوتهم ، ولا يكلموهم حتى يسلِّموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكتبوا بذلك صحيفة فيها عهود ومواثيق ألا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا ، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقتلوه. وتم هذا الميثاق ، وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة . فانحاز بنو هاشم مؤمنهم وكافرهم ، وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أبا لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض بني المطلب ، أما باقي أهل مكة فكلهم بقوا على تلك المعاهدة الظالمة ، الجائرة ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشِعَب ، يقال له شِعب أبي طالب . فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه ، وجميع بني هاشم عدا أبي لهب، وجميع بني المطلب عدا ثلاثة أو أربعة فقط .
واستمرت هذه المقاطعة ثلاثة أعوام ، واشتد الحصار على النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه حتى بلغ جهده ، واتجهوا إلى أكل الأوراق والجلود ، والغريب في هذه المقاطعة أن كفار بني هاشم وكفار بني المطلب خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يبين لنا أن الحمية العربية كانت قوية ، وكانت مؤثرة. ولو قال قائل : خرج بنو هاشم مع النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم من أبناء عمومته، فما بال بنو المطلب ولِمَ لَمْ يخرج بنو عبد شمس ، وبنو نوفل؟ لأن عبد شمس ، ونوفل ، وهاشما ، والمطلب ، كل هؤلاء إخوة . فلِمَ خرج بنو هاشم وبنو المطلب ، دون بني نوفل ، وبني عبد شمس؟ إن الأمر الذي يبين هذا هو أن بني المطلب وبني هاشم علاقتهما مع بعضهما أقوى من علاقة بني هاشم مع بني عبد شمس ، أو بني نوفل . وكذلك علاقة من علاقة المطلب مع بني عبد شمس أو نوفل. وهذا من قديم ، ولذلك جاءت الرواية عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه ، وجبير بن مطعم، يقول الجبير بن مطعم:" لما كان يوم خيبر وضع النبي صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب ، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فأتيت أنا وعثمان بن عفان (يقول أتيت أنا لأن جبير بن مطعم من بني نوفل ، وعثمان بن عفان لأن عثمان من بني عبد شمس) . يقول فأتيت أنا وعثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم من الموضع الذي وضعك الله به منهم ، فما بال إخواننا من بني المطلب ، أعطيتهم وتركتنا ، وقرابتنا واحدة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا (أي بنو هاشم) وبنو المطلب لا نفترق أبدا في جاهلية ولا إسلام (أي كما كنا في الجاهلية مع بعض، فكذلك في الإسلام مع بعض، ولذلك في المقاطعة خرجت بنو المطلب مع النبي صلى الله عليه وسلم)، ثم قال: وإنما نحن وهم شيء واحد ، وشبك بين أصابعه صلوات الله وسلامه عليه". وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
وإذا كانت العرب الجاهلية قبل الإسلام ، قبل مبعث النبي ، بل قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا يقولون لبني المطلب ، وبني هاشم البدران، ويقولوا عن بني نوفل ، وبني عبد شمس الأبهران ، فعلاقة بني المطلب مع بني هاشم أقوى من علاقة غيرهم بهم. الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ومعه كما قلنا المؤمنون جميعا ، ومعه بنو هاشم _إلا أبو لهب لم يخرج معهم_ ومعه بنو المطلب _إلا القليلون جدا من بني المطلب لم يخرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم_.
وكان أبو طالب خلال هذه السنوات يخاف على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلذلك إذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينام تركه أبو طالب فترة ثم أيقظه وغيَّر مكانه لينام غيره مكانه،(يخشى عليه الغيلة ، يخشى عليه أن يقتله أحد صلوات الله وسلامه عليه).
|