
2012-07-21, 06:10 AM
|
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
|
|
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
|
|
السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)
النبي صلى الله عليه وسلم وعتبة بن ربيعة: ما زالت قريش في محاولاتها لمَّا يئست من قضية إعطاء أبي طالب ابن الوليد بن المغيرة يربيه بدل محمد صلى الله عليه وسلم ، ولما نهوه ، ولما هدّدوه كل ذلك لم ينفع ، فأرسلوا عتبة بن ربيعة ، وكان سيدا ، وقصته مجملها أن عتبة بن ربيعة هذا كان في نادي قريش و رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وحده . فقال عتبة : يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه، وأُعرِض عليه أمورا ، لعله يقبل بعضها ،فنعطيه أيَّها شاء ، فيكفَّ عنّا، وذلك بعد إسلام حمزة وعمر ورأت قريش أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يزيدون ، فقالوا له : بلى يا أبا الوليد ، قم إليه فكلمه ، فقام إليه عتبة، فجلي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي ، إنّك منّا حيث قد علمت من الثقة في العشيرة( يعني المنزلة والمكانة)، والمكان في النسب ، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرقت به جماعتهم ، وسفّهت به أحلامهم ، وعِبْت به آلهتهم ودينهم ، وكفّرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها ، لعلك تقبل منها بعضها . فقال : يا أبا الوليد أسمَع. قال : يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا ، جمعنا لك من أموالنا حتى تكن أكثرنا مالا وإن كنت تريد شرفا، سوّدناك علينا (أي جعلناك سيدا فينا)، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رِئْيا تراه لا تستطيع ردَّه عن نفسك (أي مرضا) طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل( يعني الجني ، يعني في الصرع وجنون حتى يُداوي منه). فصار يتكلم عتبة بن ربيعة والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت صلوات الله وسلامه عليه ، فلما فرغ قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أو قد فرغت يا أبا الوليد؟ قال : نعم. قال: فاسمع أنت مني (أنا سمعت منك فاسمع أنت مني). قال: أفعل. فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بسم الله الرحمن الرحيم :"حم(1) تنزيل الكتاب من الرحمن الرحيم(2) كتابا فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون(3) بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون(4) وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه"
والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة يسمع ، فلما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضع السجدة في سورة فصلت سجد صلوات الله وسلامه عليه ، ثم رفع رأسه وقال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك (هذا جميل هذا ، هذا هو الذي عندي ، ما تكلم صلوات الله وسلامه عليه بشيء من كلام البشر أبدا ، وإنما قرأ عليه كلام رب البشر سبحانه وتعالى).
وفي بعض الروايات ، أن النبي صلى اله عليه وسلم لما بلغ قوله :" وإن أعرضوا فقل إنما أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود". فقام عتبة ووضع يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أنشدك والرحم (أي لا تفعل ، لا تدعو الله علينا بأن يأتينا بصاعقة ).
المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له سمعت يا أبا الوليد فأنت وذاك. فقام عتبة بن الوليد إلى أصحابه وقال بعضهم لبعض لما رأوه قادما : نحلف بالله قد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد. قال : ورائي أني سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي ، وخلو بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، والله ليكوننّ لقوله الذي سمعته منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ( أي تقتله العرب ، أنتم ما لكم ذنب كفيتموه بغيركم)، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به. قالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . قال: هذا رأيي فاصنعوا ما بدا لكم .
|