عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2012-07-16, 12:44 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

كما نسيت أن أنبه على أن عنونة مواضيع وأحداث السيرة النبوية للشيخ عثمان الخميس قد اعتمدت على كتاب الرحيق المختوم.

الحادثتين التي وقعتا في عهد عبد المطلب
وعبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وقعت في زمنه واقعتان لم يغفلهما التاريخ ولا بد من التنبيه عليهما .
الأولى : حفر زمزم .
وذلك أنه كما هو معلوم ، أن الله تبارك وتعالى قد امتن على هاجر أم إسماعيل ، وولدها إسماعيل عليه الصلاة والسلام بأن أوجد لهما زمزم. ثم مرت السنون تلو السنون حتى خفيت معالم زمزم .
وقد ذكر أن عبد الله بن المطلب كان نائما يوما ما ، فرأى في المنام أنه يؤمر بخفر زمزم ، ودُلّ على مكانها في النوم ، فقام إلى المكان الذي أُمر بحفره في المنام ، فحفره فوجد الماء ثم أقام بعد ذلك بسقاية الحاج .
والحادثة الثانية: التي تذكر في ذلك الزمن هي مجيء أبرهة الحبشي لهدم الكعبة.
وقصة أبرهة كما ذكرها أهل العلم هي كما يلي: وذلك أنّ أبرهة الحبشي بنى كنيسة عظيمة بصنعاء لم ير في زمانها مثلها وكتب إلى النجاشي : إني قد بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك قبلك، ولست بمُنْْتَهٍ حتى أصرف إليها حجّ العرب . (يعني يريد أن يضاهي بها مكة) .
فلما تحدث العرب بكتاب أبرهة إلى النجاشي، غضب رجل من كنانة فخرج هذا الكناني حتى دخل الكنيسة في وقت لم يره أحد فجاء وقعد وأحدث في الكنيسة ( أحدث أي تبرز داخل هذه الكنيسة ) ، فلما أُخبِر أبرهة بذلك، قال :من صنع هذا . فقيل له : صنعه رجل من العرب بمكة لما سمع بقولك أنك تريد أن تصرف حج العرب إلى بيتك هذا. فغضب وفعل ما فعل ( وهنا لا بد من التنبيه على نقطة مهمة ، لا شك أن هذا الرجل سمع بمنكر، وهو أن أبرهة أراد أن يصرف حج العرب من مكة إلى هذه الكنيسة ، فغضب لأجل هذا الأمر فأنكر ذلك المنكر بأن لطخ الكنيسة بالعَذَرَة وهذا في مقابله أوجد عند أبرهة غضبا شديدا وهو أنه عزم بعد ذلك على هدم الكعبة ، وهذا الذي نصّ عليه أهل العلم ، وهو أنّه لا يجوز إنكار المنكر بإيقاع منكر أعظم منه، بل لابد أن يكون إنكار المنكر بحيث لا يقع بعد ذلك ، أو على أثره منكر أعظم منه). الشاهد : أن أبرهة غضب لهذا الفعل وحلف ليَسِيرنَّ إلى البيت حتى يهدمه ، ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، ثم سار بستين ألف وخرج معه الفيلة ، والعرب لا تعرف الفيلة في ذلك الوقت . فخرج بالفيلة ويذكر أن رئيس الفيلة فيل يقال له محمود . فلما تجهز وسار سمع العرب بذلك فأعظموه ، و فَضَعوا به ، ورأوا جهاده حقا عليهم ، وذلك أنهم يعظمون البيت الحرام ، وإن كانوا على الشرك ولكنهم كانوا يعظمون بيت الله تبارك وتعالى . فلما سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة عزموا على مقابلته ، فكان ممن قابله رجل من أهل اليمن يقال له نَفَر ، فدعا قومه وممن أجابه من العرب إلى حرب أبرهة ، ولكن أبرهة هدم ذا نفر وأصحابه وأسره معه ، ثم مرّ بالطائف فخرج إليه مسعود بن معكف الثقفي فقال له : أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف ولكن بيتنا هذا البيت الذي تريد – يعنون اللات –إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدُلُّك عليه فتجاوز عنا .( أي أهل ثقيف قالوا له طالما أنك لا تريد اللات أي الصنم التي يعبدونها ، لا تريد اللات الأمر إليك تريد الكعبة فاهدم الكعبة ، طالما أنك لا تريد أن تأذينا وإن شئت أرسلنا معك من يدلك على الطريق ) فبعثوا له رجلا يقال له أبو رِغال يدله على الطريق . فخرج أبرهة ومعه أبو رُغال أو أبو رِغال حتى نزلا بالمغمس مكان قريب من مكة فلما أنزله به مات أبو رغال هناك ، فبعد ذلك رجم العرب قبر أبي رغال . وذلك يرون أن هذا الرجل كان رجل سوء لأنه كان دليلا لأبرهة إلى هدم بيت الله الحرام ولذلك يقول جرير عن الفرزدق لأنهما كانا يتهاجيان وبينهما نفرة .
يقول جرير :
إذا مات الفرزدق فارجموه *** كرجمكموا لقبر أبو رغال
قال ابن إسحاق : فلما نزل أبرهة بالمغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود ، على خيل له حتى أتى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم ، وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان في ذلك الحرم لقتاله ، ثم عرفوا أن لا طاقة لهم لقتال أبرهة . وبعث أبرهة رجلا يقال له حناطة إلى مكة وقال : سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفهم ثم قل له أن الملك يقول : إني لم آت لحربكم وإنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا لنا دونه فلا حاجة لي بدمائكم ،فإن هو لم يرد حربي فأتني به (أبرهة أولا أخذ أموال قريش التي كانت قريبة من مكة وكان ضمن هذه الأموال مائتا ناقة لعبد المطلب ، ثم بعد ذلك أرسل رسولا إلى أهل مكة يقول لهم إني لم آت لقتالكم وإنما جئت لأهدم الكعبة، فإن تركتموني والكعبة هدمتها ورجعت ، وإن قاتلتموني ومنعتموني قاتلتكم وقتلت منكم من قتلت ثم قال لهذا الرجل الذي أرسله وهو حِناطة قال له ثم اتني بسيدهم لأراه ) فجاء حِناطة وكلم قريش بما قال أبرهة ، فخرج معه عبد المطلب لأنه كما قلنا كان سيد قريش في ذلك الزمان ، فلما دخل عبد المطلب على أبرهة احتار أبرهة ماذا يفعل وذلك أنه أراد أن يكرم عبد المطلب . قال إن أجلسته معي على عرشي كان في هذا منقصة لي ، وإن تركته وأنا على العرش كان في ذلك منقصة له ، فنزل عن عرشه وجلس مع عبد المطلب على الأرض .فأول ما كلمه قال لعبد المطلب : ماذا تريد . قال : لقد أخذتم مائتين من الإبل لي فأعيدوه ، فغضب أبرهة وقال : لقد ظننتك أكبر من هذا وأعظم من هذا ، ثم جئتني تسألني عن إبلك ولا تطلب مني أن أرجع عن البيت وأن لا أهدمه . فقال عبد المطلب قولة (يعني كانت في وقتها حساسة جدا وصارت بعد ذلك مضربا للأمثال ) قال عبد المطلب :أنا رب الإبل وللبيت رب يحميه . فقال أبرهة :ما كان ليمتنع مني (أي هذا البيت ما كان ليمتنع مني ) قال : أنت وذاك .فقال أبرهة : ردوا عليه إبله . فلما رجع عبد المطلب إلى قريش ، فأخبرهم الخبر وقال لهم : اخرجوا من مكة فلا طاقة لكم بقتال أبرهة . فخرجوا إلى الجبال ثم قام عبد المطلب وأخذ بحلقة الباب ،(باب الكعبة ) وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده ، وقال عبد المطلب :
اللهم إِنَّ العبد يَمْنَعُ ... رَحْلَهُ فَامْنَعْ رحالَكْ
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ ... وَمِحَالُهُمْ عَدْوًا مِحَالَكْ
إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَقِبْلَتَنَا ... فَأْمُرْ مَا بَدَا لَكْ

ثم أرسل عبد المطلب حلقة الباب وانطلق ومن معه إلى الجبال يتحرزون فيها ينتظرون ماذا يفعل أبرهة ، فلما أصبح أبرهة وتهيأ لدخول مكة ، وهيأ فيله وعد جيشه ، فلما وجهوا الفيل إلى مكة برك ولم يمش معهم فقالوا ما منع الفيل . قالوا لاندري . قال : اضربوه . فضربوا الفيل فأبى ، فوجهوه إلى اليمن فقام ، فوجهوه إلى الشام فقام ، فوجهوه إلى المشرق فقام ، فوجهوه إلى مكة فبرك . ثم بعد ذلك فوجئوا بأن أرسل الله تبارك وتعالى عليهم الطير الأبابيل كما قال الله تبارك وتعالى ،أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، باسم الله الرحمن الرحيم :" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)"
نعم هكذا أرسل الله تبارك وتعالى الطير الأبابيل ورمت أبرهة ومن معه بحجارة من سجين فأهلكهم الله تبارك وتعالى جميعا ، وقيل أنه بقي منهم بعضهم حتى يخبروا قومهم بما فعل الله تبارك وتعالى بهم .
هذه هي الحادثة الثانية التي كانت في زمن عبد المطلب .
رد مع اقتباس