عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 2012-06-27, 10:42 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 2,686
افتراضي سلسلة الأحاديث القدسية/أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (4-4)

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة الأحاديث القدسية

13 ـ أقسام الحديث القدسي من حيث الثبوت (4 ـ 4)

الحديث القدسي الضعيف


إن القواعد والاصطلاحات الحديثية لا تفرق بين ما هو قدسي وما هو نبوي، فميزان الحكم على الرواية وقبولها من عدمه مداره على قبول إسنادها وعدم شذوذ متنها. وطريق قبول الإسناد هو القواعد الحديثية كما بيَّنا في كلامنا على الصحيح والحسن، وعلى ذلك فجاء التقسيم الآخر عند أهل الاصطلاح وهو رد الرواية في حالة الحكم عليها بالضعف.
وعليه سنتكلم عن الضعيف من خلال معرفة مسائله مع الدعم بالأمثلة، وبشيء من الاختصار؛ لأن بابه مستوفى في قسم علوم الحديث.

تعريف الضعيف لغة:

الضعف: بالفتح ويُضم ويُحرك ضدُّ القوة، وقد يكون في الرأي أو في البدن أو فيهما، والضعيف: المتصف بذلك.
تعريف الحديث الضعيف اصطلاحًا:

كل حديث لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن.
والضعيف درجاته متفاوتة بحسب ما يحصل له من فقدٍ لصفات الصحة والحسن، كالطعن في عدالة الراوي أو حفظه، أو عدم اتصال السند، أو انفراد الراوي بما يخالف ما رواه الثقة بحيث لم يسلم من الشذوذ، أو وجود علة في الرواية، أو عدم وجود عاضد للحديث.
وقد أرجع بعض أهل العلم أسباب الضعف والرد إلى أمرين: أحدهما في السند والثاني في صفة الراوي.
ويدخل في الضعيف الموضوعُ؛ حيث إنه شرُّ أنواع الضعيف على قول الأكثر.

أقوال العلماء في العمل بالحديث الضعيف:

اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف فمنهم من ردّ الضعيف مطلقًا، مثل الإمام أبي بكر بن العربي، ومنهم من قَبِله بشروط مثل الإمام النووي، وابن حجر وغيرهما وهو قول الأكثر.
قال الإمام النووي: «قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحبُّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا، وأما الأحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يُعمل فيها إلا بالحديث الصحيح أو الحسن، إلا أن يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما إذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع أو الأنكحة، فإن المستحبَّ أن يُتنزه عنه ولكن لا يجب»(1).

وقال ابن علان - معلقًا على كلام النووي: «ما لم يكن موضوعًا»-: «وفي معناه شديد الضعف، فلا يجوز العمل بخبر من انفرد من كذاب ومتهم، وبقي للعمل بالضعيف شرطان: أن يكون له أصل شاهد لذلك كاندراجه في عمومٍ أو قاعدة كليَّة، وألا يُعتقد عند العمل به ثبوتُه بل يعتقد الاحتياط»(2).

قال ابن الملقن: «(فرع) الضعيف لا يُحتج به في الأحكام والعقائد، ويجوز روايته والعمل به في غير الأحكام، كالقَصص وفضائل الأعمال والترغيب والترهيب، كذا ذكره النووي وغيره، وفيه وقفة؛ فإنه لم يثبت، فإسناد العمل إليه يوهِم ثبوته ويُوقع من لا معرفة له في ذلك فيحتج به. ونُقل عن ابن العربي المالكي أن الحديث الضعيف لا يُعمل به مطلقًا»(3).

قال السيوطي: «ذكر الحافظ ابن حجر لذلك ثلاثة شروط:
أحدها: أن يكون الضعفُ غير شديد، فيخرج ما انفرد بحديثه راوٍ من المكذَّبين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه. نقل العلائي الاتفاق عليه.
الثاني: أن يكون مندرجًا تحت أصل عام، فيخرج ما يُخترع بحيث لا يكون له أصل.
الثالث: ألا يُعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُله، بل يُعتقد الاحتياط.
قال: وهذان الأخيران ذكرهما الشيخ عز الدين بن عبد السلام وصاحبه ابن دقيق العيد»(4).

تلخَّص مما تقدَّم من الأقوال أنه يجوز العمل بالضعيف عند الأكثر من أهل العلم، بشرط أن يُعمل به في الفضائل والترغيب والترهيب والقَصص والسِّير والتواريخ دون الأحكام والعقائد مع اندراجه تحت أصل عام من أصول الشريعة، وعدم اعتقاد صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1- أمثلة على الأحاديث القدسية الضعيفة:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لله عزوجل لَوْحًا مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَكَتَبَ فِيهِ: إِنِّي أَنَا الله لا إِلَهَ إلا أَنَا، أَرْحَمُ، وَأَتَرَحَّمُ، جَعَلْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَ مِائَةِ خُلُقٍ، مَنْ جَاءَ بِخُلُقٍ مِنْهَا مَعَ شَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إلا الله دَخَلَ الجَنَّةَ»(5).

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام قال: قال الله عزوجل: «إِنِّي أَنَا الله لا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدُونِي، مَنْ جَاءَنِي مِنْكُمْ بِشَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إلا الله بالإخلاصِ دَخَلَ فِي حِصْنِي، وَمَنْ دَخَلَ فِي حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي»(6).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ ربُّكم: وَعِزَّتِي وَجَلالِي، لأَنْتَقِمَنَّ مِنَ الظَّالِمِ فِي عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، وَلأَنْتَقِمَنَّ مِمَّنْ رَأَى مَظْلُومًا فَقَدَرَ أَنْ يَنْصُرَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ»(7).

2- أمثلة على الأحاديث القدسية الضعيفة جدًّا أو الموضوعة:

وعن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلامِ الْحَكِيمِ أتَقَبَّلُ وَلَكِنِّي أَتَقَبَّلُ هَمَّهُ وَهَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ فِي طَاعَتِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْدًا لِي وَوَقَارًا وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ»(8).

وعن أَبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقول: أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا، مَالِكُ الْمُلُوكِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، قُلُوبُ الْمُلُوكِ فِي يَدِي، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا أَطَاعُونِي حَوَّلْتُ قُلُوبَ مُلُوكِهِمْ عَلَيْهِمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَإِنَّ الْعِبَادَ إِذَا عَصَوْنِي حَوَّلْتُ قُلُوبَهُمْ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْطَةِ وَالنِّقْمَةِ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، فَلا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُلُوكِ، وَلَكِنِ اشْتَغِلُوا بِالذِّكْرِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيَّ أَكْفِكُمْ مُلُوكَكُم»(9).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تَعَالَى يقُولُ في كُلِّ يومٍ: أنَا العَزِيزُ فَمَنْ أَرَادَ عِزَّ الدَّارَيْنِ فَلْيُطِعِ العَزِيزَ»(10).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «قَالَ جِبْرِيلُ: قَالَ اللهُ عزوجل: هَذَا دِينٌ ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي، وَلَنْ يُصْلِحَهُ إلا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ، فَأَكْرِمُوهُ بِهِمَا مَا صَحِبْتُمُوهُ»(11).

أمثلة على الأحاديث القدسية التي ليس لها أصل:

حديث: «مَا وَسِعَنِي سَمَائِي ولا أَرْضِي وَلَكِنْ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ»(12).

حديث: «كُنْتُ كَنْزًا لا أُعْرَفُ، فَأحْبَبْتُ أَنْ أُعْرَفَ فَخَلَقْتُ خَلْقًا فَعَرَّفْتُهُمْ بِي فَعَرَفُونِي»(13).

يتبع

عن موقع شبكة السنة النبوية وعلومها

الهوامش:
(1) -انظر مقدمة كتاب الأذكار للنووي (ص- 19).

(2) -الفتوحات الربانية لابن علان (1/84).

(3) -«المقنع في علوم الحديث» لابن الملقن (ص 104).

(4) -مقدمة «تحفة الأبرار بنكت الأذكار» للسيوطي (ص 1).

(5) - أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (1093)، أبو الشيخ في «العظمة» (2/ 497/ 45)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 188): «في إسناده أبو ظلال القسملي، وثقه ابن حبان والأكثر على تضعيفه».

(6) - أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (3/ 192)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (5/ 462)، وقال الألباني في «ضعيف الجامع» (4047): «ضعيف».

(7) - أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (623)، الطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 278) (10652)، وفي «الأوسط» (36)، وفي «مكارم الأخلاق» (129)، تمام في «الفوائد» (992، 993)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (34/ 340)، (54/ 7)، (64/ 132، 133)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 526): «فيه من لم أعرفهم». وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (5422): «ضعيف».

(8) - أخرجه الدارمي (252)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (1/160)، وفيه المهاجر بن حبيب بن صهيب وهو تصحيف كما نبه على ذلك الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة» وصوب المهاصر بن حبيب وقال (2050): «حديث ضعيف جدًّا»، قال: «فالحديث مرسل أو معضل، مع الجهالة التي في سنده».

(9) - أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (8962)، أبو نعيم في «حلية الأولياء» (2/ 388)، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 448): «فيه وهب بن راشد وهو متروك»، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (1466): «ضعيف جدًّا».

(10) - أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (6/ 60)، (8/ 171)، الخليلي في «الإرشاد» (234)، وقال الخليلي: «هذا ليس إلا بهذا الإسناد، ليس عند أهل البصرة من حديث همام لا سيما عن قتادة، ولا يُعرف له إسناد غيره»، وذكره ابن الجوزي في «الموضوعات» (1/ 120)، وقال: «وهذا من تلصيص سعيد بن هبيرة العامري، قال ابن عدي: كان يحدِّث بالموضوعات، وقال ابن حبان: كان يحدث بالموضوعات عن الثقات لا يحلُّ الاحتجاج به بحال».

(11) - أخرجه الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (35، 524)، الطبراني في «المعجم الأوسط» (8920)، معجم ابن المقرئ (161)، البيهقي في «شعب الإيمان» (10864- 10866)، القضاعي في «مسند الشهاب» (1461)، العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/ 46)، ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (55/ 290)، قال ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (2554): «سمعت أبي يقول: حدثني عبد الملك بن مسلمة بهذا الحديث، وهو حديث موضوع، وعبد الملك هو مضطرب الحديث»، وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (3317): «باطل».

(12) -قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة» (5/ 377)، «الفتاوى الكبرى» (5/ 87)، «مجموع الفتاوى» (18/ 122): «هذا ما ذكروه في الإسرائيليات ليس له إسناد معروف عن النبي ?، ومعناه: وسع قلبه محبتي ومعرفتي». وقال السخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص 198): «ذكره الغزالي في الإحياء، وقال مخرِّجه العراقي: لم أر له أصلًا».

قال العجلوني في «كشف الخفاء» (2/ 878): «هو دائر على ألسنة الصوفية وغيرهم».

(13) - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (18/ 122): «ليس هذا من كلام الله للنبي ? ولا يُعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف».

قال السخاوي في «المقاصد» بعد ذكره لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية (ص 174): «وتبعه الزركشي وشيخنا»- أي ابن حجر العسقلاني.

قال العجلوني في «كشف الخفاء» بعد نقله لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية (2/ 1011): «وتبعه الزركشي والحافظ ابن حجر في اللآلئ والسيوطي وغيرهم، والمشهور على الألسنة «كنت كَنزًا مخفيًّا فأحببت أن أعرف فخلقت خلقًا فبي عَرَفوني»، وهو واقع كثيرًا في كلام الصوفية واعتمدوه وبنوا عليه أصولًا لهم. وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» ضمن الكلام على حديث (66): «حديث لا أصل له».


رد مع اقتباس