سهم في القلب / د. عثمان قدري مكانسي

[Nabil]

سهم في القلب

الدكتور عثمان قدري مكانسي

انعقد مجلس آباء الطلاب في ثانوية دبي في أحد أعوام تسعينات القرن الماضي ، وبحث أولياء الأمور والمدرسون بعض الوسائل لمعالجة قصور الطلاب في موادّهم الدراسية .
وكان أن اقترح أحد الآباء إنشاء نادٍ للغة الإنجليزية في المدرسة ، وارتأى بعضهم إيجاد أنشطة لرفع مستوى التلاميذ في اللغة العربية ، لكنّ ذلك الأب استهجن الاهتمام باللغة العربية مدّعياً أنها أصبحت عديمة الجدوى ، وأن الزمن تخطّاها إلى الإنجليزية بصفتها لغة عالمية تستحق الاهتمام ... وكان نقاش ... وولدَتْ هذه الأبيات :

فوجئت بالقـلب انقسـمْ * والروح ِ ترجُفُ من ألمْ
والعين ِ تدمعُ من أسىً * والنفس ِ في طَوْر العدمْ
لـمّـا تـشــدّقَ نـاطـقٌ * بـبـلـيغ ِ آيـاتِ الحِـكَمْ !!
إذ قال بالأمس القـريبِ * مُجانـبـاً حـدَّ الـفَهَـمْ
إنــّا نــريـــدُ نـواديـــاً * تـشـدو بأنـغــام العـجـَـمْ
نبغي الحديثَ بلُكنة * الأغرابِ أصحابِ العَـلَـمْ
فـيـهـا الـفـوائــدُ جَمّـَةٌ * والعـزُّ يـأتي مـن أمـَمْ!!
ثمَّ استفـاضَ موضّـِحاً * خيراتِ جَدْوى ما رَسَمْ!

********
نادَيْتُ : هل للساننا * العـربيِّ أيضاً منْ قِـسَـمْ؟
لغـةِ الـكتـابِ بـلاغـة ً * فيهـا حوَتْ أغلى القِيَـمْ
سـِحْرُ البيان ِ قـديمُهـا * وجديـدُهـا بحـرٌ خِضَـمّ

********

ردَّ الجهـولُ بـِنَـبـْرةٍ * توحي بفِكـرٍ ذي سَـقَـَمْ
دَعْني ، فقد أودى بها * ما قـد عَـراهـا مِنْ قِـدَمْ
كـانـتْ قـديمـاً قـلعـة ً * وسـياجُهــا الآنَ انهَـدَمْ!

********

فـأجـبـْتُـه بـطلاقــة ٍ * متحَبـِّبـاً ، ثـَبْـتَ القـَدَمْ
العيـبُ فينـا صاحبي * حينَ انْجَـرَرْنا كالغـَنـَمْ
من غيرِ تفكيرٍ صحيح ٍ * خلْفَ مبهور ٍ وَجَمْ
مما رأى في الغرب دونَ * العـلمِ ما بعـدَ الأَكـَمْ
لو كانَ يعْـلمُ مَنْ همو * عَضَّ الأصابعَ منْ نَدَمْ
عاشـوا بغيـرِ محـبّـَةٍ * وعن التعاطُفِ في صَمَمْ
وشعارُهُمْ جمعُ المَنـا فِعِ * إن بـمـدح ٍ أو بـذ َمْ
إنسانُهُـمْ بالمـالِ * الإرهابِ شخصٌ محترمْ!
والحـقُّ مُلْـكٌ لـلقـويّ * وإنْ تـمــادى أوْ ظـَلـَمْ
وحضارةُ الغربِ القُشورُ * فهلْ ترى بعدُ الحُطَمْ؟
العـيـبُ فـيـنـا إذ ْ بـدا * إنسانــا واهي الهـِمَـمْ
غثّ ُ المتاع ِ متـاعُـهُ * وعن المروءاتِ انفَطَمْ
وإذا بـهِ بـَيْــنَ الأُمَـمْ * واحسرتا ، هَـشّ ٌ قَـَزَمْ

[أبو عبيدة أمارة]

كنت قلت قبل سنين في قصيدة بيانية الآتي :
فرُبّما ! ومُعتد بمجردٌ ثرثرة وكلام
فحلمهم فيما قد انحطم في دنيا روما
أو اندثر في ثرى يونان
أو ما قد يتشدق به منغمس في دنيا وخسران
أو بما يتشدق من بطر منعمي الوجدان
وبطر ومتسترٍ بالتفلسف وبإدعاء الإحسان
واعجبا !!!!!
أنغرّوا بمبهرج قاصرٍ خادع الكيان
أو بزائل يتراقص فيه المجون
أو يُتغنى فيه بالبخس والرذيلة والخسران
أو تتناغم فيه الخيبة السيئة
وتتسامى فيه النرجسية والاعتجام
.............
وماذا قال مفتون الجَنان؟
قال أن روما هي اللبقة
وأيضا همو متكلموا اليونان
فهم لبقاء فصحاء في العنان
وأما والذي الدر حشوه وعلي البيان
ومن تزخر وتعلو به آي القرأن
فهو ليس عندهم في الحسبان
وأهملوا من قصيده ساحر البيان
وتعاموا عن جميل العبارة وساحر البنيان
وأما همو فعندهم معدود هو متفيهق بمطلي بالأماني
وكل متفيهق بمعسول الكلام
وكل من هو مُرْخي للشهوات اللجام
فهم في قمة الحداثة وحاضرة الزمان