عرض مشاركة واحدة
  #58  
قديم 2010-10-08, 01:30 AM
زينب من المغرب زينب من المغرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-14
المكان: tangier morocco
المشاركات: 221
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استمر صامتا طويلا كان يحاول فهم هذا الإله. لم تكن الفكرة قد اتضحت في دماغه بعد، التشويش كان يطغى على هذه الأسطورة الجديدة من أساطير أمه الغير مريحة أبدا.
التفت إليها وسألها: وكم هو عدد الذين لديهم إله؟؟
أجابت بكل مصداقية: يفوقنا بكثير جدا جدا.
أتبعها بسؤال آخر، وكان البادي عليه أنه يبلور سؤالا جديدا كلما بدأت الإجابة عن السابق: هل هناك عالم لديه إله؟؟
فقالت محافظة على مصداقيتها: هناك من العلماء من يعتقد أن هذا الكون له قوة هائلة تنظمه وهو استنتاج إنطلاقا من قوانين فيزيائية؛ لكن هؤلاء لم يلصقوا صفات بهذه القوة بإعتبارهم غير محيطين إلى حد الآن بجميع صنعتها في هذا الكون. وهناك آخرون بقوا على نفس إيمان آبائهم ومنهم من اتخذ طريقا مثلنا.
وكأنها بهذه الجملة هزت عاصفة هوجاء ,قال لها: هل كان والداك لهما إله؟؟
ابتسمت ابتسامة مريض مجهد، وقالت له: لقد كانا والدايا لهما إله، يقولان أنه في السماء، ولكن ليس سماءنا هذه إنما هي سابع سماء بعد هذه,،يقولان أنه فوق كل سماء هناك سماء أخرى وعددهن سبع سماوات, وهذا الإله يضحك ويغضب ويمكر وينتقم وصفات أخرى غير معقولة.
فقاطعها قائلا: كيف علموا أنه كذلك؟؟
فردت: لأن لديهم كتاب يقولون أن هناك ملك لا يظهر هو الآخر أنزله على انسان مثلنا ,وهو يسمى بالرسول يعني مرسل من الإله إلى الناس,حتى يبلغهم أوامره.
فقال لها، وقد شدته الحماسة لهذا الموضوع كما لو أن خيال طفولته وجد مرتعه الخصب: وماذا يقول هذا الإله في هذا الكتاب؟؟ هل لديك نسخة منه؟؟
ابتسمت له وقالت: مجرد خرافات لا قيمة لها. ستجد العديد من القصص الغريبة, مثلا أذكر إحداهن كانت تحكي عن رسول بعث في أناس قدامى كان إسمه يوسف وكان جميلا جدا ...... وأسهبت في شرح قصة يوسف كما تذكرها عن أمها التي كانت تملأ بها ليالي طفلتها لتعيشها في عالم من الخيال الذي كان يتناسب جدا وسنها.
فكرت في داخلها لحظة وقالت: رغم دينية هذه القصص إلا أنها كانت ذو طعم جميل وساحر لعقلي؛ كم كنت أتشوق لرؤية جمال يوسف وقوة موسى وصبر أيوب وملك سليمان وكم تمنيت أن أركب سفينة نوح مع أزواج الحيوانات، كنت أسبح فيها بأجنحة من البراءة وأنا أتجول بين قيم أخلاقية عالية المستوى. كم تمنيت لو كان في الإلحاد عالم نفر إليه بشكل يبعدنا عن مرارة هذا الواقع الذي رغم محاولاتنا المضنية لجعله مثاليا إلا أننا نبقى دائما في حاجة للهروب إلى عالم من الصفاء والكمال للأسف يفتقده الإلحاد، مما يجعلنا في احتكاك دائم بالمحسوس وغير قادرين على السباحة في غيره.
انتبهت فجأة فوجدته غارقا في نومه، ابتسمت وهي ترى براءة وجهه الجميل وقد رحل عنها إلى عالم آخر يحمل معه كآخر زاد قصة رجل جميل تعرض للظلم لكنه ظل مؤمنا بوجود إله.
قامت من جانبه بعد أن وضعت رأسه على وسادة وغطته ثم أطفأت الأنوار وخفضت من حرارة المدفئة.
كانت الساعة تشير إلى السابعة لكن الجو مظلم فالفصل شتاء، قامت تلتمس الطريق إلى المطبخ لتعد لنفسها قهوة، وقفت أمام الإبريق وذهنها منشغل بفكرة الوجود الإلهي، قالت في صراحة تامة مع نفسها: صحيح أننا لا نملك أدلة قاطعة على عدم وجود إله، لا بل إننا لا نملك دليلا واحدا على عدم وجوده إلا أننا نستطيع دحض أدلة الآخرين وهذا كاف بالنسبة لي لألحد. لكن يا ترى هل سيتقبل عقله على صغره أن ينتصر فاقد الدليل على صاحب الدليل؟؟ هل سيفضل أن يكون منفردا بإلحاده وسط متديننين محيطين به من كل جانب، أخوف ما أخاف عليه أن يستحلي فكرة أن يخاطب إله النصارى كل ليلة ويروي له عن أحلامه وطموحاته كما يفعل أبناء هؤلاء، فالعقل البشري في خجله الطفولي سيفضل أن يكشف أسراره مهما كانت بسيطة لأذن تسمعه ولا يراها أفضل من أن يستودعها عند إنسان يرى ملامح وجهه كيف تتغير بإكتشاف هذه الأسرار.
ربما دخلت معه في المهمة الأصعب في حياته، فمثل هذا الموضوع لا يقبل إلتواءات في الأجوبة أو تضليل فني بالسؤال عن حالته هروبا من الجواب عن أسئلته.
أزاحت الأفكار عن مخيلتها وبدأت في إعداد القهوة، وفي تلك الأثناء دخل زوجها، غير ملابسه والتحق بها بعد أن رأى أن الإنارة الوحيدة في البيت نابعة من المطبخ.
جلس على المائدة وسألها: كيف الحال اليوم؟؟
أجابت: في تمام العافية بعد جولة تحت الأمطار.
ضحك وقال: عدت إلى هذه العادة من جديد؟؟
فقالت: تجولت في سعادة مع ابني تحت زخات المطر الشديدة.
فرد: حسنا، بعض جنون النساء لا يسعنا معه سوى الإستسلام. هل كل شيء على ما يرام؟؟
فردت بعد أن عبس وجهها قليلا: لقد تعرضنا لموقف جعلنا نخوض في موضوع الإله.
وجعلت تسرد عليه الحدث بتفاصيله.
....
كان ينصت كما عادته بإهتمام يوحي للناظر إليه أنه غائب الذهن. قال لها: الآلهة والأديان والرسل وكلها حكايات ومؤلفات يجب أن تساغ بأسلوب يتماشى ومقدار تفكيره وكذا يعطيه الثقة الكافية لمواجهة أديان زملائه.
فابتسمت وهي تهم بجمع الفناجين لغسلها، دائما في التشجيع السلبي أحيك زوجي العزيز.
ضحك وهو يهم بالنهوض هو الآخر: يكفي أنني لا أتدخل لإفشال خططك العسكرية وهذه أكبر معاونة يا زوجتي العزيزة.
واختفى صوت ضحكته تحط صوت صنبور المياه .
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس