عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 2010-06-21, 09:34 PM
زينب من المغرب زينب من المغرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-14
المكان: tangier morocco
المشاركات: 221
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين وصل بي التفكير إلى هؤلاء الحيارى، تذكرت مشهدا صادفني قبل وصولي إلى هذا المكان.
في طريقي أمر على حديقة عمومية يجلس فيها كل من يعتقد أنه سيعمر الملايين من السنين فيأتي إليها ليضيع وقته -الذي سيحاسب على كل ثانية فيه-, يراقب الناس ويضحك ملىء فاه وينمم ويختلط ويخون الله ورسوله ودينه وهو جالس إلى فتاة لا علاقة شرعية بينه وبينها يخرف عليها وهي تسمع تخاريفه.
مغتر بطول الأمد ومتناس أن الموت لن يرسل له إعلانا مسبقا. متجاهل أنه يأتي فجأة فهو لن ينتظره إلى أن يتوضأ ويصلي ويتوب ويستغفر.
ينسى المسكين كل هذا ويجلس في غفلته ليمارس المنكرات جهارا.
تعج هذه الحديقة بالمشاهد التي تجعل النصارى الذين يعيشون بين ظهرانينا لا يتعبون جدا في البحث عن صور تدهور أخلاق المجتمع الإسلامي.
وبينما أنا أتجاوز هذه الحديقة سمعت بكاء طفل صغير إلتفت يمينا ووجدته متسخا بدى لي في سنته الرابعة أو أقل بقليل وهو يضرب أمه التي تجلس على حشائش الأرض المخضرة ولا تنقصه إتساخا -إن لم أقل تزيد-،على عينيها هالة زرقاء وكأن أحدهم لكمها.
اعتقدت أنها مجنونة وكان الولد يدفعها فتميل يمينا ويسرة، ثم اتضح لي بعد طول نظر أنها سكرانة، لم أتمالك دموعي وأنا أرى مشهد هذا الطفل في يدي هذه اللعوب.
سكت الولد عن البكاء حين نهرته وبدأ يلعب ويدور حولها بشكل زاد من إحساسها بالدوار فقامت تضربه. التفت أحد الجالسين إليها فأخذ الولد وأعطاه حلوى فسكت. ثم جلس الصغير ليأكلها بينما وقفت أمام هذا المشهد متألمة باكية هزني من أعماق قلبي.
طفل في يدي سكيرة زانية( قالها لي أحد المعارف حين حكيت له عنها). الموقف مؤثر صراحة ويهز القلوب فينقسم فيه أنواع من الناس ولكني سأحدثك فقط عن إثنين منهما.
الأول يقول اللهم إني أسألك أن ترحم هذا الطفل برحمتك وتحيطه بمنك وكرمك وتفرق بينه وبين مصير هذه المرأة. وهو في دعاءه متأكد ولا يساوره أدنى ذرة شك بأن الله رحمان رحيم أرحم بعباده من كل تصور قد يخطر بباله، لديه جزم في أنه مهما حاول إدراك مقدار الرحمة التي يلف الله بها عباده فإنه لن يصل إلى واحد في المئة لأنه عرف من خلال وحي السنة -الذي جاء به من لا ينطق عن الهوى- أن هذا الواحد في المئة هو كل الرحمة التي توجد في هذه الدنيا الصغيرة والتي تدركها حواسه بينما ما خفي عنه فهو فيه لا يكيّف ولا يشبّه لأنه مؤمن بعجزه عن الإدراك وما جاءه هذا الإيمان بضعفه إلا من عجزه عن الإحاطة بهذه الواحد في المئة.
أجل فهذا الإنسان لازال كل يوم يستغرب من حنان لبوءة على إبنها، لا بل والعلم لا يزال ينقل إلى حد الآن -كاكتشاف جديد- صورا بديعة لبعض أنواع الرحمة في بعض المخلوقات.
فهذا النوع من الناس يدرك أن هذا كله يدخل في هذا الواحد في المئة وأنه مهما اكتشف ومهما عرف عن رحمة الكائنات لبعضها البعض فإنها تضل دائما محصورة في ذلك العدد ،ومن رحمة الله بعباده أن رزقهم هذه الأمثلة ولحكمة اقتضاها,أدناها الإستئناس بمعنى الرحمة والإيمان بالقصور عن إدراك شموليته
هذا النوع من الناس مصدق قلبا وقالبا لما جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم فيه حديثه:
إن لله مائة رحمة . أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام . فبها يتعاطفون . وبها يتراحمون . وبها تعطف الوحش على ولدها .
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم ء المصدر: صحيح مسلم ء الصفحة أو الرقم: 2752
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فيقف أمام هذا المشهد داعيا راجيا من الله أن يشمل الصغير برحمته ويرزق أمه الهداية والتوبة وهو في ذلك يكون مستعملا لهذه الرحمة التي فطرها الله في خلقه ودائما في الإطار الذي حددتها حكمته.
لكن.
النوع الثاني من الناس والذي ابتلينا به حديثا في مجتمعاتنا الإسلامية دخل علينا بمفاهيمه الجديدة الممسوخة عن ماسخيه.
رأى صناع فكره هناك يقولون للكنيسة فجاء يقول للمسجد وهو في ذلك جاهل أشد الجهل في أن أولئك لديهم رب في الكنيسة بينما نحن لدينا رب في السماء.
ولا تعتقد في أنه بهذا يسلم بوجود الإله لا ولكنه ينتشي بحجج الآخرين في دحض الإله المزعوم المختبىء في الكنائس وينقلها نسخة طبق الأصل لينتقد بها إلها ليس كمثله شيء.
هذا النوع إذا مر بهذا المشهد يقف وقفة سيكون لنا عنها حديث في البقية إن شاء الله تعالى


رد مع اقتباس