عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2010-02-10, 09:29 AM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 220
افتراضي

" إنهم يشوهون وعي أمتنا"
مقال كتبه: الأستاذ/ فهمي هويدي



سامحونا إذا أصررنا على مواصلة النفخ في القربةالمقطوعة، ووقفنا فيمكاننا نحاول رد الاعتبار ورفع المهانة عن لغتنا الوطنية، ولغة الأمة التي ننتميإليها.
كثيرة هي الخدع الثقافية التي استسلمنا لها ووقعنا في حبائلها. ثمانتبهنا إلى مخاطرها. لكن الخدعة التي ما زال استسلامنا لها يدهشني، هي تلك التيأوهمتنا بأهمية وجدوى التدريس في جامعاتنا باللغة الإنجليزية. (بالمناسبة تلقيتخطاباً من طالب تخرج في المدارس الفرنسية. احتج فيه على التدريس بالإنجليزيةوتساءل: لماذا لا ندرس بالفرنسية، خصوصاً وأننا دولة فرانكفونية ؟!)
وقد أثلجصدري أنني وقعت على بحثين بالغي الأهمية في تحرير مسألة جدوى التدريس في الجامعاتباللغة الإنجليزية، أعدهما اثنان من أساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة، هماالدكتور سعد الراجحي، والدكتور أمير بيومي. ولست أبالغ إذا قلت أن البحثين حافلانبالاكتشافات التي تقدم للقارئ وتدعوه إلى إعادة التفكير في أمور كثيرة مما يعتبرهاالبعض مسلمات مستقرة ومحسوماً أمرها.
موضوع البحث الأول هو "كفاءة التعليمالهندسي بلغة أجنبية" وقد اعتمد على دراسة حالات 1500 طالب بالسنة الإعدادية فيالكلية، حصلوا لتوهم على الثانوية العامة، و 1500 شخص آخرين ممن أنهوا دراسةالهندسة وحصلوا على البكالوريوس، وتقدموا للدراسات العليا، ثم 400 من أعضاء هيئةالتدريس بالكلية من الحاصلين على شهادة الدكتوراه بطبيعة الحال.
الملاحظة الأولىالتي سجلتها دراسة حالات طلاب السنة الإعدادية أو طلاب الدراسات العليا الذين يفترضأنهم درسوا مناهج باللغة الإنجليزية في الكلية على مدى خمس سنوات. أن المستوى العامضعيف في اللغة الإنجليزية للجميع، حتى إن 60% فقط من طلاب مدارس اللغات في مصر همالذين يجتازون امتحان "ميتشجان" للقبول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، و 40% منهؤلاء يحتاجون إلى مقررات تأهيلية خاصة. أما خريجوا المدارس الثانوية العادية (الحكومية) فلا يجتاز أحد منهم ذلك الامتحان وقليلون منهم يحصلون على درجات تمكنهممن الالتحاق بالمقررات التأهيلية. وهؤلاء خريجوا المدارس الثانوية العامة يمثلونغالبية الطلاب الملتحقين بكليات الهندسة بمصر
بالنسبة لطلاب الدراسات العلياوهذه هي الملاحظة الثانية فإنهم حين يتقدمون للالتحاق ببعض الجامعات الأمريكية،فإنها تشترط عليهم الحصول على مستوى معين من الدرجات في الامتحان المعروف باسم "تويفل". وقد لاحظ الباحثان أن أغلب المصريين المتقدمين لذلك الامتحان، ومعظمهم منأوائل الخريجين، يضطرون إلى إعادته عدة مرات قبل الحصول على الدرجاتالمطلوبة.
وفي الواقع. كما قرر الباحثان فإنهم يحصلون في النهاية على تلكالدرجات من خلال الاعتياد على نوعية الأسئلة، وليس نتيجة لتمكنهم من اللغةالإنجليزية.
رأى 67% من الطلاب والخريجين الذين شملهم الاستبيان أن مستوى أعضاءهيئة التدريس جيد في اللغة الإنجليزية، بينما ذهب الباقون إلى أن مستواهم متوسط أوضعيف.
كما تبين أن 57% من أعضاء هيئة التدريس حصلوا على الدكتوراه من دول تتكلمالإنجليزية، بينما حصل 43% منهم على شهاداتهم من دول لا تتكلمالإنجليزية.
الملاحظة الثالثة لها أهميتها خاصة، وكانت حول تقدير حاجة الخريجينإلى اللغة الإنجليزية. إذ المفهوم والشائع أن تدريس الهندسة باللغة الإنجليزية هدفهتأهيل الطلاب للقراءة والاطلاع على المراجع الإنجليزية بعد التخرج، وكذلك التعاملمع هذه اللغة حسب حاجة العمل. غير أن نتائج الاستبيان قللت كثيراً من أهمية هذاالجانب، واعتبرته من قبيل الإسراف في التمني أو الوهم كيف؟ تبين أن 42% فقط منالخريجين الذين شملهم الاستبيان قرأوا أقل من ثلاثة كتب منذ تخرجهم، أي خلال سبعسنوات في المتوسط.
تبين أيضاً أن 32% فقط من هؤلاء الخريجين احتاجوا إلى التعاملأحياناً. "لاحظ أحياناً هذه". في عملهم مع بعض الأجانب في مصر.
تبين كذلك أن 16% فقط من هؤلاء الخريجين سافروا إلى الخارج لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر، وهي المدةالتي تستلزم إجادة سابقة للغة.
الملاحظة الرابعة والأخيرة مفاجأة بدورها، فقددلت نتائج الاستبيان فيما يشبه الإجماع على أنشطة التعليم المختلفة. باستثناءالامتحانات. لا تتم عملياً باللغة الإنجليزية كما هو مفترض من الناحية الرسمية. صحيح أن الكتب والمذكرات مدونة باللغة الإنجليزية، إلا أن الشرح في كل ساعاتالتدريس (3750 ساعة من المحاضرات والتمارين) يتم في مرحلة البكالوريوس باللغةالعربية، بينما تنطلق المصطلحات فقط باللغة الإنجليزية. في الوقت ذاته، رأى 53% منأعضاء هيئة التدريس الذين شملهم الاستبيان أن الطلاب لا يستوعبون معاني المصطلحاتبل يحفظونها دون فهم. وقد دفع ذلك أساتذة الفيزياء للتدريس في السنة الأولى باللغةالعربية رسمياً ضماناً لفهم الطلاب للمصطلحات والمفاهيم.
بل قرر 25% من أعضاءهيئة التدريس الذين شملتهم عينة الاستبيان أنهم يسمحون للطلاب باستخدام خليط مناللغة العربية واللغة الإنجليزية للإجابة عن أسئلة الامتحانات حتى لا تقف اللغةحائلاً أمام معرفة مستواهم الحقيقي في موضوع الامتحان، وفي نفس الوقت قرر نحو 25% من الطلاب والخريجين أنهم اضطروا إلى استخدام اللغة العربية في إجاباتهم.
وذهبكثير من الطلاب إلى أن لجوءهم إلى الدروس الخصوصية يرجع إلى حاجاتهم إلى تلخيصالمذكرات والكتب وفهم المقصود من أسئلة الامتحانات التقليدية باللغةالإنجليزية!
في النهاية خلص الباحثان إلى حقيقة لافتة للنظر، هي أن عدم انخفاضمستوى الطلاب في الهندسة ذاتها يرجع إلى أن الإنجليزية لا تستخدم بالفعل فيالتدريس، وأن اهتمامها بموضوع لغة التعليم مرده القلق على كفاءة استخدام ساعاتالتدريس (3750 ساعة في مرحلة البكالوريوس) وعلى الوقت والجهد والمال الضائع فيالدروس الخصوصية، التي يعتبر استخدام الإنجليزية رسمياً أحد أسبابهاالبارزة.
إزاء ضعف مستوى الطلاب في اللغة الإنجليزية، ووجود تساؤل حول مستوى بعضالأساتذة، وإزاء اكتشاف حقيقة أن أغلب المواد تدري عملياً بالعربية بينما يحفظالطلاب مصطلحاتها فقط باللغة الإنجليزية، دون استيعاب كافِ لمضمونها. وبعد ما تبينأن استخدام الخريجين للغة الإنجليزية في الاطلاع أو مزاولة المهنة محدود جداً، فإنهذه المؤشرات تثير سؤالاً كبيراً حول الفائدة الحقيقية من الاستمرار في تعليمالهندسة بالإنجليزية (السؤال ذاته يثار حول تعليم الطب أيضاً).
وفي رأي الدكتورسعد الراجحي أن المضي على ذلك الدرب فيه خداع للنفس، بقدر ما فيه من إهدار للوقتوالمال والطاقات. إنه بعدما ثبت أن القاعدة العريضة والأساسية للمهندسين الذينيمثلون 90% من الخريجين ليسوا مضطرين للتعامل بالإنجليزية، وأن من لهم بها حاجةحقيقية لا تتجاوز نسبتهم عشرة في المائة فقط من أولئك الخريجين، وهو ما يعني أننانقيم نظاماً تعليمياً يستجيب لرغبات الأقلية الاستثنائية، ونرسم سياستنا التعليميةليس على ضوء مصالحنا الحقيقية، ولكن دائماً امتثالاً لضغوط تلك الأقلية ذات الصوتالعالي.
الدراسة الثانية طريفة ومثيرة. طريفة لأنها تتبع آراء الطلاب ذويالخلفيات الثقافية المختلفة أثناء دراستهم في كلية الهندسة، بتركيز خاص على خمسفئات هي: طلاب المدارس الحكومية العادية في مصر ممن يمزح بعض الباحثين ويصفونهمبأنهم "أكلة الفول والطعمية". طلاب المدارس الخاصة، حملة الشهادات الأجنبية (ال. جي. سي. آي، وغيرهما)، الطلاب القادمون من العالم العربي، طلاب المعاهد الصناعيةالذين حصلوا على مجاميع مرتفعة أهلتهم للالتحاق بكلية الهندسة.
أما وجه الإثارةفي البحث فقد أبرزته النتائج التي أسفر عنها، بعد تتبع نتائج ومعدلات النجاح بينمجموعة من 1500 طالب من الفئات الخمس، على مدى خمس سنوات دراسية. فقد تبين أن أفضلأداء، وأعلى معدلات التفوق والنجاح كانت بين الطلاب القادمين من المدارس الحكوميةالعربية (أكلة الفول والطعمية)، إذ كانت نسبة النجاح بينهم 91.1% يليهم في الترتيبطلاب مدارس اللغات الخاصة المصرية (86.5%) ثم الطلاب القادمون من الدول العربية (47.3%)، وفي الترتيب الرابع جاء الطلاب الحاصلون على شهادات أجنبية، حيث لم تزدنسبة النجاح بينهم على (36.5%). واحتل طلاب المعاهد الصناعية آخر القائمة، حيث كانتنسبة النجاح بينهم في حدود (10.7%) فقط.
خريجوا المدارس العربية وحدهم احتكرواالتقدير الأعلى (امتياز) بينما لم يحصل أحد من الفئات الأربع الأخرى على ذلكالتقدير، خلال سنوات البحث الخمس. في الوقت ذاته كان هؤلاء الخريجون، المصريونالأقحاح، هم الأقل رسوباً والأقل تعرضاً للفصل، بينما توزعت الخطوط في الحالتينالأخيرتين على الطلاب الآخرين بحسب الترتيب الذي سبقت الإشارة إليه. وكان ملاحظا أننسبة الذين تعرضوا للفصل، بعد استفاد مرات الرسوب في السنة الإعدادية، متقاربةنسبياً بين حملة الشهادات الأجنبية مثل "الجي سي آي" ومن الحاصلين على دبلومالمعاهد الصناعية.
لوحظ مثلاً أن نسبة المفصولين بين طلاب المدارس الحكومية لمتتجاوز 1.2% أما الذين فصلوا من بين طلاب مدارس اللغات فقد كانت نسبتهم 6.5% والطلاب العرب فصل منهم ما نسبته 17.2% بينما فصل من طلاب شهادة "الجي سي آي" حوالي 30%، وطلاب المعاهد الصناعية كانت نسبة المفصولين بينهم 39%.
في رأي الدكتور سعدالراجحي أن المسألة واضحة وضوح الشمس، إذ كانت النتائج دائماً عاكسة لمدى استقامةالحالة الثقافية للطلاب. إذ كلما توفرت مقومات تلك الاستقامة وارتفعت معدلاتها،كانت فرصة الطالب للاستيعاب والاستمرار والتفوق أفضل منها بالنسبة لغيره.
من هذهالزاوية فطلاب المدارس الحكومية المصرية هم الأوفر حظاً من الاستقامة، والأعلىلياقة من الناحية الثقافية. ولذلك كانت نتائجهم على النحو الذي رأيت.
الآخرونتقلبت حظوظهم صعوداً وهبوطاً تبعاً لمدى التشوه الثقافي الذي أصابهم. وإذا استثنيناالطلاب العرب الذين يؤثر اختلاف البيئة على استقرارهم، أو طلاب المعاهد الصناعيةالذين يؤثر في استيعابهم اختلاف الأجواء الثقافية، فإننا نجد أن الطلاب الحاصلينعلى شهادات أجنبية هم أقل استيعاباً بحكم ارتفاع نصيبهم من التشوه الذي نتحدث عنه. وطلاب مدارس اللغات المصرية أفضل حالاً بكثير لأن التشوه لديهم أقل نتيجة لالتزاممدارسهم المفترض بكامل مناهج المدارس المصرية الحكومية، وإن أضافت.
هل تحتاجالنتائج إلى تعليق؟
أجيب أن نتائجها ناطقة بما فيه الكفاية، وهي تؤكد المعنىالذي بحت أصوات الخبراء والتربويين والمصلحين من كثرة ترديده ومحاولة توصيل مضمونهإلى المسؤولين عن السياسات التعليمية في العالم العربي. وخلاصته أن لغة المرء هيأيسر وسيلة لنقل المعرفة إليه. ومن ثم فإن الجهد الذي يبذله لاستيعاب المعارف بغيرلغته يحتاج إلى أضعاف الوقت الذي يبذله لكي يتحقق له ذلك الاستيعاب بلغته الأصلية. الأمر الذي يعني أن كل تعليم باللغة الأجنبية، يضيف معارف أقل ويحقق تشوهاً ثقافياًأكبر. وأكرر هنا - للمرة العاشرة فيما يبدو - إن تعلم اللغة الأجنبية شيء، وإنالتعلم باللغة الأجنبية شيء آخر. ولست أبالغ إذا قلت عن الأولى إضافة بامتياز،والثانية في المحصلة النهائية خسران بامتياز.
تلقيت رسالة ثانية من الدكتورمحمود عز الدين الأستاذ بطب القاهرة ذكر فيها أن استمرار التدريس باللغة الإنجليزيةفي الجامعات عندنا يعوق قدرتنا على الانطلاق والتقدم؛ لأنه يحد من قدرة الباحثينعلى الاستيعاب ومن ثم قدرتهم على الابتكار والإبداع مع مقارنة ذلك بما يحدث في "إسرائيل" التي تستمتع بالدراسة والبحث بلغتها العبرية (التي كانت ميتة وتمإحياؤها)، حتى قطعت شوطاً بعيداً في ذلك المضمار، وفتحت أبوابها للفلسطينيينوالأردنيين الذين أصبح بعضهم يتعلم العبرية لكي يطلع على أبحاثهم أولاًبأول.
زودني الدكتور عز الدين بقائمة الدول التي تمارس الطب بلغاتها، ووجدت فيمقدمتها: اليابان وكوريا والدنمارك والسويد و"إسرائيل" وتشيكيا، واليونان وفنلنداواندونيسيا ورومانيا وألبانيا وكمبوديا .. الخ. ومع ذلك فبين العرب من لا يزاليعتبر أن دراسة الطب والهندسة باللغة الإنجليزية أمراً مقدساً، وأن الإعراض عن ذلكسوف يدمر بنياننا العلمي.
للعلم: بين أساتذة الطب المصريين من اختار أن يسبح ضدالتيار وأن يقدم مادته باللغة العربية، في المقدمة منهم الدكتور محمد توفيق الرخاويأستاذ التشريح المخضرم، الذي يحارب على تلك الجبهة منذ أكثر من عشر سنوات.
منبين الرسائل الأخرى التي تلقيتها رسالة من الدكتورة كفاية السيد محمد بكلية طبالمنصورة، التي ضمت فيها صوتها إلى جانب الدعوة إلى التدريس باللغة العربية، وأشارتإلى خبرتها كأم لأبناء يدرسون في المدارس التجريبية باللغة الإنجليزية، وكباحثةوأستاذة تفتقد المراجع العربية، وتلاحظ أن الباحث المصري في المنصورة مثلا أصبحبوسعه أن يتابع عبر شبكة الإنترنت الأبحاث الجارية في أوربا وأمريكا، بينما ليسبمقدوره أن يعرف شيئاً عن أبحاث زملائه في القاهرة والإسكندرية، نظراً لغياب الشبكةالتي تسجل أعمال الباحثين العرب بلغتهم.
ثمة رسالة طريفة تلقيتها من الطالبةسلمى أنور، التي تدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم اللغة الإنجليزية، روتفيها كيف أن أحد الأساتذة كان يتحدث أمام طلابه يوماً في إحدى محاضرات الترجمة،وذكر عبارة "سبراغوار" التي حيرت أغلب الطلاب والطالبات الذين جاؤوا من مدارس خاصة،فمضوا يتساءلون عما إذا كانت كلمة "سبر" هذه تكتب بالصاد أم التاء!
فرحت حينتلقيت نسخة من بحث الدكتور يحيى الرخاوي أستاذ علم النفس المرموق "حول اللغةالعربية وتشكيل الوعي القومي" وسعدت أكثر حين علمت أن البحث مقدم إلى مؤتمر يفترضأن تعقده جمعية لسان العرب في شهر نوفمبر المقبل بالقاهرة، تحت عنوان "ضعف اللغةالعربية على أهلها" لكن الغم أصابني حين وجدت بحثه صورة ضوئية استفزازية لمبنىمجاور لكلية دار العلوم، التي يفترض أنها إحدى حصون العربية وقلاعها. فوق المبنىظهرت لافتة كئيبة كتبت عليها العبارات التالية: الهيئة العامة لنظافة وتجميلالقاهرة (!) حديقة دار العلوم. كافيتريا جرين لاند. مطعم تيك أواي. ملاعب أطفال. والكلمات الأخيرة كتبت بالإنجليزية وبالزخارف اللاتينية. وهي نموذج للقبح المبثوثعلى الواجهات في أنحاء البلاد، لكن آخر ما توقعته أن تجاوز لافتة من هذا القبيلمبنى كلية دار العلوم، كأنما تتحداها وتخرج لها اللسان ازدراء وسخرية!
في ختامبحثه الثري اقترح الدكتور الرخاوي اتخاذ مجموعة من الخطوات الإيجابية للدفاع عناللغة العربية وحرفها الشريف. كما يسميها المسلمون في بعض الدول الأسيوية. تتمثل فيما يلي:
أولاً: إصدار أمر ينفذ فوراً ويبدأ بشارع واحد في العاصمة، ينهي كلالتلوث اللغوي المقتحم لوعينا القومي، إذ يزيل لافتات المحلات بالقوة الجبرية، ثميمتد هذا النشاط تدريجياً ليشمل القطر كله. والمسألة لا تحتاج إلا لأمين شرطة وإذننيابة وبعض الشمع الأحمر، وحكومة.


ثانياً: إعطاء اللغة العربية ثلث درجاتالشهادات العامة بالتمام وتقسم هذه الدرجات إلى درجات للغة كلغة، وأخرى في العلومالأخرى كدرجات للصياغة والترجمة، بمعنى أن يصبح لكل علم درجتان الأولى للمادة ذاتهاوالأخرى للصياغة اللغوية، منها وإليها في كل المواد.


ثالثاً: يتواصل تدريب مدرسياللغة العربية بمناهج متطورة فيما يسمى "التعليم المستمر" بعد التخرج، مقابل مضاعفةمرتباتهم باستمرار. وعدم ترقيتهم إلا إذا واصلوا هذه الدراسة بلا نهاية، ثم فصل كلمن يثبت عجزه، أو تحويله لعمل إداري أدنى.


رابعاً: العودة إلى تحفيظ ثلاثة أجزاءمن القرآن، على الأقل. (بصفته اللغوية وليس الدينية) على كل الطلبة من كل الأديانفي المرحلة الابتدائية والإعدادية، وخاصة بعد إضافة سنة إليها (تذكر لغة مكرمعبيد .


خامساً: العناية بالتأليف ثنائي اللغة كمرحلة انتقالية كما يدرس بلغةأجنبية مثلاً بالعلوم الطبية.


سادساً: العودة إلى استعمال الرسم العربي. (اللاتيني الآن) للأرقام، أسوة بالمغرب العربي.


سابعاً: اقتراح بقبول استعمالالحروف اللاتينية في المعادلات الرياضية والكيميائية لا أكثر وكأنها رموز رسم وليستدلالات لغة.


ثامناً: تجريم أو تحريم أي إعلان في الصحف المحلية بحروف معربة (تيكأواي .. دريم لاند .. جرين لاند .. الخ).


تاسعاً: الإلزام بترجمة أي إعلانبالإنجليزية إلى العربية حتى لو كانت الشركة المعلنة إنجليزية صرفاً.


عاشراً: النظر في ربط الترقي في الجامعة من درجة إلى درجة أعلى بإعطاء محاضرة بالعربيةوتقديم بحث بالعربية، وامتحان في اللغة العربية.


حادي عشر: فتح الباب بأوسع مانستطيع لاستعمال ألفاظ من العامية صالحة وجديدة تصبح جزءاً من ثراء الفصحى.


ثانيعشر: فتح الباب لنحت ألفاظ جديدة تماماً نثري بها اللغة العربية خاصة.


ثالث عشر: التخفيف من وصايا المؤسسات الأعلى (بما في ذلك مجمع اللغة نفسه أو منظمة الصحةالعالمية) مع السماح بنقد ومراجعة ما يصلون إليه أو يوصون به.
وهي توصيات أبصمعليها بأصابعي العشرة!
رد مع اقتباس