عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2010-02-09, 09:13 AM
طالب عفو ربي طالب عفو ربي غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-02-28
المشاركات: 220
افتراضي


ويل لأمة اغتصب لسانها واستسلمت لما يفعل به!

فهمي هويدي


دعت مديرة المدرسة الخاصة بالإسكندرية أولياء الأمور إلى الاجتماع ، وطلبت منهم منع أطفالهم من الحديث باللغة العربية في البيت، ومعاقبتهم عن طريق الحرمان من المصروف إذا وقعوا في المحظور ونطقوا بغير الإنجليزية.

لولا إنني سمعت القصة بأذني من قريبة لي لما صدقتها، ولست أخفي أنني من فرط الدهشة ما زلت رافضاً لتصديقها، وغير قادر على استيعاب التفاصيل التي سمعتها. ومنها مثلاً أن هذه المدرسة الابتدائية تتقاضى لقاء قطع اللسان العربي أربعة آلاف دولار في الفصل الدراسي الواحد (ما يعادل 14 ألف جنية). وإنها لكي تحقق هذا الهدف على اكمل وجه، لم تكتف بالتدريس طوال اليوم باللغة الإنجليزية، وإنما أيضاً بثت عيوناً بين التلاميذ في فترات الراحة (الفسحة) لمراقبة التزامهم بمخاصمة الحرف العربي، والتبليغ عن كل من سولت له نفسه أن يتحدث بلغة بلده!

قريبتي سألت مديرة المدرسة ببراءة: إذا لم يتحدث الأولاد والبنات باللغة العربية في المدرسة، ومنعناهم وعاقبناهم إن هم تحدثوا بها في البيت، فأين يتعلمونها إذن؟ كان رد المديرة أن تعليمهم الإنجليزية هو الأهم، وأن ملاحقة التلاميذ على هذا النحو هو الوسيلة الوحيدة لتمكينهم منها في مبتدأ حياتهم، أما اللغة العربية فالمفترض أن يعرفونها أصلاً. ولما كان ذلك هو موقف المدرسة وقرار إدارتها، فلم يكن خيار أمام من لا يعجبه هذا الأسلوب إلا أن يخرج ابنه أو ابنته منها، وهو ما فعلته قريبتي!

كنت قد قرأت ذات مرة مقالاً حول الموضوع للزميلة الأستاذة صافيناز كاظم، روت في مستهله قصة واحد من رجالات الانفتاح فيما يبدو، ذهب إلى مدير إحدى المدارس الخاصة مصطحباً ابنه الصغير وقال له: علمه إنجليزي أو فرنسي أو طلياني، علمه أي لغة، لكن لا تعلمه شيئاً بالعربية! آنذاك اعتبرت القصة \"نكتة\" أردات بها زميلتنا أن تسخر من الذين أصابتهم اللوثة المبتدعة، فارتموا على كل ما هو غربي بما في ذلك لغاتهم، وذهبوا في انخلاعهم من هويتهم إلى حد مخاصمة اللغة العربية.

حين سمعت قصة مدرسة الإسكندرية، استعدت على الفور ما كتبته زميلتنا صافيناز، فاتصلت هاتفياً بها وسألتها عما إذا كان الذي أشارت إليه كان قصة حقيقية أم \"نكتة\" فكان ردها أن الأمر لم يكن أكثر من سخرية سجلها أحد رسامي الكاريكاتير فاستخدمتها في مقالها. عندئذ قلت إن الذي كان نكتة بالأمس، تحول إلى حقيقة أشد مرارة اليوم - كما في النكتة - ولكنه بلغ حد معاقبة من ينطق بها من التلاميذ، حتى في بيته، كما دلت الحقيقة: (هذه هي الحقيقة التي يقال إنها أغرب من الخيال؟)

لقد كتبت في موضوع أزمة اللغة العربية في بلادها منذ ثلاثة أسابيع منبهاً أنها من علامات انكسار الأمة، واستشهدت في ذلك بمقولة بليغة لابن حزم نبه فيها إلى أن اللغة يسقط أكثرها بسقوط همة أهلها - الأمر الذي يعني أن محنتنا - في عمقها - ليست في عثرات اللسان، وإنما هي في اعوجاج عموم الحال. قلت أيضاً إن الدفاع عن اللغة الوطنية هو دفاع عن الذات، وأن احترامها هو احترام للذات، وانتهاك حرمتها من أعمال احتقار الذات.

جلب إلىَّ هذا المقال ردوداً متعددة، جاءت احتجاجية في أغلبها. بعض أولياء الأمور بعثوا يشكون من المدى الذي بلغه الازدراء باللغة العربية في المدارس الخاصة ونفر من أساتذة الجامعات كتبوا عن أزمة الأجيال الجديدة التي تدرس بالإنجليزية ويقل استيعابها من جراء ذلك.

ولما وجدت الشكاوى تنهال علىَّ من كل صوب، شجعني ذلك على أن أسجل شكوى ضد وسائل الإعلام العربية، وفي مقدمتها الصحافة، التي أصبحت تشارك في العدوان على اللغة العربية بشكل يومي.

بينما الرسائل تتوالى، قرأت في \"أهرام الجمعة\" (20/8) خبراً نشر على الصفحة الأولى، يقول إن التلفزيون الفرنسي سوف يبث حلقات مسلسل جديد تحت عنوان: \"عندما كان العالم يتحدث العربية\" وأن إعداد تلك الحلقات كان ثمرة تعاون بين التلفزيون الفرنسي ومجلس السفراء العرب في باريس، ومنظمة اليونسكو.

ما إن قرأت الخبر حتى انتابني شعور اختلط فيه الترحيب بالأسف، وقلت: ليت المسلسل يذاع في بلادنا، حتى يستعيد أهلنا ثقتهم بأنفسهم واعتزازهم بحضارتهم، واحترامهم للغتهم التي كانت أداة التعبير عن تلك الحضارة العظيمة.

على صعيد آخر، فقد اتصل بي بعض المثقفين الغيورين على الهوية العربية، الذين استفزهم العدوان الواقع عليها، وأبدوا رغبة في رفع قضية \"حسبة\" يطالبون فيها بتنفيذ القرار الجمهوري الصادر في مصر عام 1958، الذي يوجب استعمال اللغة العربية في المكاتبات واللافتات، ولأن الجوانب القانونية للقضية تحتاج إلى دراسة، خصوصاً بعدما أعيد تنظيم قضايا الحسبة، بحيث لم يعد ممكناً رفعها إلا في حالات الضرر المباشر، فقد اقترحت عليهم أن يدرسوا الأمر مع المحامين المختصين، للاتفاق على التكييف القانوني للمسألة قبل اللجوء إلى القضاء.

عندما تراكمت هذه الأصداء والتصورات لم يعد هناك مفر من العودة إلى الموضوع مرة ثانية، لإعادة دق الأجراس والإبقاء على ملف الأزمة مفتوحاً.

ليس مفهوماً ذلك السكوت على مهانة اللغة القومية في المدارس الخاصة على النحو الحاصل الآن؟ ولماذا لا يكون هناك قرار حاسم بأن يكون التدريس في مراحل التعليم باللغة العربية، وأن تعامل الإنجليزية كلغة أجنبية أو لغة ثانية. ذلك أن هناك فرقاً جوهرياً بين دراسة الإنجليزية وغيرها كلغة وبين دراسة المناهج المختلفة بالإنجليزية بديلاً عن العربية. والأولى مطلوبة ومهمة لا ريب، أما الثانية فهي المحظور الذي ندعو إلى عدم الوقوع فيه، لضرره المحقق بإدراك الطفل وشخصيته.

لقد عبر الآباء والأمهات الذين كتبوا إلىَّ عن حيرتهم البالغة وقلقهم على أبنائهم، فثقتهم ضعيفة أو معدومة في مدارس التعليم العام. وفي نفس الوقت فإنهم ليسوا سعداء بما يتلقه أيناؤهم وبناتهم في المدارس الخاصة. أفاض في هذا الجانب رجل الأعمال الدكتور ممدوح قمحاوي الذي قال: إن التلميذ في المدارس الحكومية لا يتعلم شيئاً، ولكنه في المدارس الخاصة \"قد\" يتعلم لكنه يخسر نفسه في النهاية لقاء ذلك!

أدري أن مهانة اللغة ليست في المدارس الخاصة وحدها، ولكن المدارس الحكومية كانت \"رائدة\" في ذلك للأسف خصوصاً حين خفضت الدرجات المرصودة للعربية إلى النصف. كذلك فإن المدارس الخاصة ما كان لها أن تذهب إلى ما ذهبت إليه إلا إذا كانت أيضاً تلبي رغبة أو نزوة اجتاحت المجتمع، وأصابته بلوثة الرطانة الإنجليزية.

والأمر كذلك فيما يحدث في المدارس الخاصة يعد مسلكاً متطرفاً يعكس الحاصل في المجتمع بأسره، وهو من عموم البلوى في كل الأحوال. لذلك فلسنا نطمع في رفع البلاء ورد القضاء - إذا كان قضاء بحق - ولكننا فقط ندعو إلى اللطف فيه، على الأقل عن طريق وقف تلك الحرب المعلنة على اللغة العربية في البيت بعد المدرسة!

المسؤول المباشر عن التعامل مع الملف على هذا المستوى هو وزارة التربية والتعليم. وليس عندي تفسيراً لتراخيها في الدفاع عن اللغة الوطنية، بينما نجدها تذهب بعيداً في التحوط لمكافحة ما تعتبره مظاهر للتطرف. الأمر الذي يوحي بأن انشغالها بالتكوين الثقافي للأجيال الجديدة. وقد كان مثيراً للدهشة في هذا الصدد أنه حينما دعت الدكتورة نعمات فؤاد إلى تدخل المجتمع وتحركه للدفاع عن لغته، عن طريق إعادة فتح \"الكتاتيب\" التي كان لها الفضل في ضبط اللسان العربي والتمكين للغة الوطنية في المجتمع المصري منذ قرون، عن طريق تحفيظ القرآن الكريم للأطفال في سن الحضانة وقبل الانخراط في سلم التعليم.

حينما فعلت أستاذتنا ذلك انبرى لها البعض محاولين تسفيه الكلام والسخرية، منه في الأغلب لدوافع مشكوك في براءتها. وقد خلط الناقدون بين الفكرة وهي جيدة ولها إيجابيات كثيرة وبين أسلوب تنفيذها الذي هو بحاجة للتطوير. ونسوا أن الأسلوب كان ابن زمانه، وأن القسوة في التعليم والتحفيظ لم تكن مقصورة على الكتاتيب وحدها، وإنما كانت أسلوباً شائعاً في كافة مدارس ذلك الزمان. أما الذين مطوا شفاههم ولووا أعناقهم لمجرد سماعهم اسم \"الكتاتيب\" وفضلوا \"الكندر جاردن\" هؤلاء لا أعرف عمن يعبرون في المجتمع، وأزعم أنَّ ما لديهم ليس منطقاً أو حجة، وإنما هي \"حساسية\" سمع ليس الحوار أفضل وسيلة لعلاجها.

لقد حثت المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) أمم الأرض قاطبة، وطبقاً لتقارير أعدها خبراؤها، لأن تدرس كل منها العلم بلغتها لأبنائها، إذا كانت تريد أن تشارك في تكوين العلماء وإفرازهم، ذلك أن أقصى ما تصل إليه الأمم المستعيرة للغة ما في العملية التعليمية. أن تستوعب بعض ذوي الاختصاص منها بعضاً مما وصل إليه أهل الفهم من الأمم الأخرى صاحبة السبق، التي خاض كل منها معركة العلم بأقوى سلاح لديها، وهي لغتها القومية. هذه الفقرة أوردها الدكتور محمود عز الدين قاسم مدرس الجراحة في كلية طب القاهرة، في رسالة غنية، لا يتسع المقام لنشر نصها، ومن الملاحظات والأفكار المهمة التي تضمنتها ما يلي:

gإن مؤلف كتاب \"الإسلام الحربي\" - العلم الإنجليزي ج. جانسن - تحدث عن أهمية دور الفصل الدراسي في تمتين وثبات الشخصية العربية، وقال إن الدراسات التي أجراها الإنجليز والفرنسيون في بداية القرن حول هذا الموضوع لاحظت أن تعليم الطفل العربي له دور في تعزيز تماسكه وصلابته في طفولته المبكرة، قبل سن الخامسة، كأن يتعلم (في الكتاتيب التي سخر منها أصحابنا!) القراءة والكتابة ويختم حفظ القرآن، الذي يحتوي على أهم وأوضح التراكيب اللغوية، فيتقنها ولم يزد عمره على السادسة، ثم يستكمل إتقانه للغة فيما بعد لدى تعلمه قواعد نحوها وصرفها وترسخها في ذهنه بحفظ ألفية ابن مالك، وبذلك يتفوق الطفل العربي على غيره بعد ذلك التأسيس، الذي ينطلق بعده لينهل من بحور العلم، فيكون له شأن آخر - لذلك - أضاف الدكتور محمود قاسم - فمن أهم ما عنى به الاستعمار الإنجليزي والفرنسي - لتثبيت أقدامهما - هو تفكيكه المنظمة التعليمية في العالم العربي والإسلامي.

gبالتجربة العملية ثبت أن دارسي التخصصات الدقيقة في الطب والهندسة والتطبيقات مثلاً ينفقون جزءاً كبيراً من وقتهم في استيعاب اللغة الثانية (الإنجليزية)، بحيث يذهب جزء كبير من وقتهم وجهدهم في محاولة استيعاب ما يقرؤون، وكثيراً ما يسيئون فهم المعلومات، وهو ما يجعل أكثر من نصف الخريجين محدودي المستوى في تحمل المعلومات. والوقت الذي يقضيه الطالب أو الباحث في قراءة كتاب بلغة أجنبية، يستثمره أقرانه من الدارسين بلغاتهم القومية في قراءة كتابين أو ثلاثة.

gفي مصر، أنشئت حديثاً كلية الزراعة الدولية، وقبلت خريجي المدارس الإنجليزية وحدهم، وتم تدريس المقرر العادي لهم ولكن باللغة الإنجليزية - ولكن التجربة فشلت فشلاً ذريعاً؛ لأن نسبة النجاح بين طلاب الصف الأول في نهاية العام لم تتجاوز 8% والحاصل في كلية الزراعة ليس أسوأ مما حدث في الكليات الجامعية الأخرى التي بدأت تدريس مناهجها لبعض الطلاب بالإنجليزية.

gإن حرص الدول على التعليم بلغاتها القومية أصبح الآن أصلاً ثابتاً ومستقراً حتى إن الولايات المتحدة التي تملك 142 كلية طبية تعلم سكان بورتوريكو بالأسبانية لأنها لغتهم الأصلية. وهو ما فعله الاتحاد السوفيتي (سابقاً) الذي كانت لغته الروسية، ولكنه علم أبناء جمهورياته الإسلامية وغيرها بلغاتهم المحلية. وهو الحاصل في الصين أيضاً، وفي كندا الخاضعة للتاج البريطاني، تدرس مناهج التعليم في إقليم كويبك الناطق بالفرنسية؛ لأنها لغة سكان ذلك الإقليم.

في صيف عام 97 عقدت في العاصمة المغربية الرباط مائدة مستديرة شارك فيها عدد من الخبراء لمناقشة مسؤولية الإعلام في تشويه اللغة العربية. وانطلقت ورقة الندوة من التسليم بأن للإعلام إسهاماً غير قليل في إحداث ذلك التشويه، ومن ثم كان السؤال الجوهري المطروح للمناقشة هو: كيف يقوم الإعلام بدوره المسؤول في الحفاظ على اللغة الوطنية وليس في العدوان عليها وتشويهها.

في المشرق، وفي مصر خاصة، نحن بحاجة إلى الانتباه إلى ذلك البعد، والاعتراف بأن الإعلام يرتكب هنا الخطيئة، وأزعم أنها خطيئة مزدوجة لا يمارس فيها العدوان والتشويه بحق اللغة العربية فحسب، ولكنه يمارس بحق اللغة العامية أيضاً. فالأولى تهان والثانية تبتذل، حتى أنها كثيراً ما تجنح إلى السوقية والإسفاف، متجاوزة العامية والراقية والمحترمة.

لقد أصبحت الأخطاء النحوية من سمات الخطاب الإعلامي في زماننا، وصارت لدينا برامج تحمل أسماء أجنبية، ومسلسلات حافلة بالعبارات المسفة التي تنتقل إلى ألسنة الناس، ويتم تعميمها وتداولها على أرصفة الشوارع، وأصبحت العامية المبتذلة لغة للكتابة في بعض الصحف، حتى لم يعد هناك فرق بين ما تنشره تلك الصحف وما يتم تداوله في الأزقة وعلى المقاهي (زمان كان الكاتب يسمى أديباً!)

لقد أصبحت إعلانات الصحف تجسد المأساة، وصار بعضها مستفزاً ومثيراً للغثيان، ففضلاً عن الأخطاء النحوية الفاضحة التي تظهر في إعلانات مؤسسات كبرى عريقة، البنك الأهلي المصري مثلاً، فإن العامية السوقية التي تسربت إليها، فضلاً عن الإيحاءات المبتذلة التي تشبه تلك التي \"يضم\" بها بعض المخرجين أفلام ومسرحيات القطاع الخاص، وليس بمقدوري هنا أن أعرض نماذج لتلك الإعلانات \"البذيئة\" التي تنشرها صحف محترمة للأسف، لكن هناك إعلانات أخرى يحتمل المقام والسياق نشر بعض فقرات منها، إذ يقول مثلاً: عاوز تجرب الشاورمة اللي تجنن وبعد كده تقعد وتنبسط وأنت بتشرب الشيشة المتميزة؟ شرفنا بالزيارة في المطعم الفلاني! - لو عاوز محل مالوش حل (إعلان عن سوق جديد) - يخلي الدنيا ترقص حواليك، والنوم ما يعرفش عينيك (إعلان عن تلفزيون) - تحت صورة يقف فيها شاب وسط ست فتيات مراهقات كتبت العبارة التالية: للأسف ما تشيلش أكثر من 600 وفي ركن جانبي من الإعلان ظهرت عبارة أخرى تقول: خلي الشباب يبص! (إعلان عن سيارة صغيرة جديدة تضمن دعوة إلى ممارسة الفعل الفاضح!).

إن الإعلام بحاجة ملحة لأن يراجع خطابه احتراماً لرسالته، واللغة التي ينطق بها.

يؤثر عن الشاعر الجزائري الشهير مالك حداد قوله: أنا النفي في اللغة الفرنسية؛ لأن لسانه العربي قطع منذ صغره، وفرض عليه المستعمرون لغتهم الفرنسية. وحين كتب الأديب الفرنسي لوي أراجون في الخمسينات أن أعذب شعر قرأه هو ما نظمه مالك حداد، فرد عليه قائلاً: أنا أرطن ولا أتكلم، إنني معقود اللسان، نعم يا أراجون إنني لا أغني، ولو كنت أعرف الغناء لقلت شعراً عربياً .. وهذه مأساة لغتي. لقد شاء الإنسان أن يكون في لساني آفة، في لساني عاهة .. ولا تلمني يا صديقي إذا لم يطؤبك صداحي .. لقد كنت في طفولتي أنادي أمي: ياما. أما في شعري فأقول عنها: مامير .. أماه، ياما، هل يمكن أن يكون اسمك مامير ؟!

إن البعض يريد أن يشوه لساننا العربي أو يقطعه، وتلك من \"علامات الساعة\" الثقافية والحضارية، إذا جاز التعبير.

ويل لأمة اغتصب لسانها واستسلمت لما يفعل به!
فهمي هويدي
رد مع اقتباس