قال ابن القيم رحمه الله :
《 هو الأول الذي ليس قبله شيء ، و الآخر الذي ليس بعده شيء ، و الظاهر الذي ليس فوقه شيء ، و الباطن الذي ليس دونه شيء ، تبارك و تعالى ، أحق من ذكر ، و أحق من عبد ، و أحق من حمد ، و أولى من شكر ، و أنصر من ابتغى ، و أرأف من ملك ، و أجود من سئل ، و أعفى من قدر ، و أكرم من قصد ، و أعدل من انتقم ، حلمه بعد علمه ، و عفوه بعد قدرته ، و مغفرته عن عزته ، و منعه عن حكمته ، و موالاته عن إحسانه و رحمته .
هو الملك فلا شريك له ، و الفرد فلا ند له ، و الغني فلا ظهير له ، و الصمد فلا ولد له ، و لا صاحبة له ، و العلي فلا شبيه له ، و لا سمي له ، كل شيء هالك إلا وجهه ، و كل ملك زائل إلا ملكه ، و كل ظل قالص إلا ظله ، و كل فضل منقطع إلا فضله ، لن يطاع إلا بإذنه و رحمته ، و لن يعصى إلا بعلمه و حكمته .
يطاع فيشكر ، و يعصى فيتجاوز و يغفر ، كل نقمة منه عدل ، و كل نعمة منه فضل ، أقرب شهيد ، و أدنى حفيظ ، حال دون النفوس ، و أخذ بالنواصي ، و سجل الآثار ، و كتب الآجال ، فالقلوب له مفضية ، و السر عنده علانية ، و الغيب عنده شهادة ، عطاؤه كلام ، و عذابه كلام " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .
فإذا أشرقت على القلب أنوار هذه الصفات اضمحل عندها كل نور ، و وراء هذا ما لا يخطر بالبال ، و لا تناله عبارة 》
من كتاب " الوابل الصيب "