ولو قدر أن الذي معه هو الحق المحض ولكنه قصده الانتصار لنفسه ولغرضه، ولم يقصد أن يكون الدين كله لله وكلمة الله هي العليا بل قصده الحمية لنفسه ولطائفته أو قصده الرياء ليعظم ويثنى عليه أو فعل ذلك شجاعة وطبعا، أو لغرض من أمور الدنيا لم يكن لله ولا في سبيله، فكيف إذا كان مثل غيره معه حق وباطل، وسنة وبدعة ومع خصمه حق وباطل وسنة وبدعة، فهذا حال المختلفين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا .
والاختلاف إذا كان في ملة واحدة فكله مذموم، لأنه يؤدي إلى التنازع والتفرق، والدين يأمر بالاجتماع والإتلاف . قال تعالى: {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} [سورة البقرة : الآية : 176] . وقال : {وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا} [ سورة يونس ، الآية : 19 ] فذمهم على الاختلاف، وأما إذا كان الاختلاف بين أهل الإيمان والكفر كقوله تعالى : {فمنهم من آمن ومنهم من كفر} [سورة البقرة ، الآية : 253] فهذا مطلوب لأن فيه تمييز الحق من الباطل، ومزاولة الباطل والبعد عنه .
وإذا حصل خلاف بين أهل الدين يجب أن يقصد به طاعة الله وتنقية الحق من الباطل في نفوس الناس ..
رحمة بهم وإحسانا إليهم وطلبا لرضى الله تعالى، حتى إذا رد على أهل البدع الظاهرة مثل الرافضة وغيرهم يجب أن يقصد بذلك بيان الحق وهداية الخلق، ورحمتهم والإحسان إليهم، وإذا غلط في بيان بدعة أو ذمها أو معصية يجب أن يكون قصده بيان ما فيها من الفساد ليحذرها العباد، وقد يهجر الرجل عقوبة وتعزيرا والقصد ردعه وردع أمثاله للرحمة والإحسان لا للتشفي والانتقام .
والله أعلم .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
انتهى عسا الله ينفعنا بما قرأنا
ولاتنسونا من دعائكم
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير
|