وقوله تعالى: {ولا تلمزا أنفسكم}، أي لا يلمز بعضكم بعضا . وعلى المسلم أولا أن يكون أمره لله، وقصده طاعة الله فيما يقوله ويفعله، وألا يكون بقوله وفعله طالبا الرئاسة لنفسه أو لطائفته، أو تنقص غيره وحسده. وأن يفعل ذلك لطلب السمعة والرياء، فإنه بذلك يحبط عمله، وإذا كان علمه صالحا وخاليا من الشوائب المفسدة في المبدأ. ولكن لما رد عليه قوله أو أذى من أجل ما هو لله تعالى فنسب إلى الخطأ والغرض الفاسد عند ذلك طلب الانتصار لنفسه، وأتاه الشيطان وزين له ذلك فيكون مبدأ علمه لله ثم صار له هوى يطلب به أن ينتصر على من آذاه، وربما اعتدى على ذلك المؤذي، وهكذا يقع لأصحاب الاختلافات إذا كان كل واحد منهم يعتقد أن الحق معه، وأنه على السنة ، فيقعوا في الهوى وطلب الانتصار لجاههم ورئاستهم وما نسب إليهم، لا يقصدون أن تكون كلمة الله هي العليا وأن يكون الدين كله لله، بل يغضبون على من خالفهم وإن كان مجتهدا معذورا، لا يغضبون عليه لله، ويرضون عمن يوافقهم وإن كان جاهلا سيئ القصد ليس له علم ولا حسن قصد، فيقضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، فتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله فيتشبهون بالكفار الذين لا يطلبون إلا أهوائهم فتنشأ الفتن بين الناس
|