قال ابن بطة : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، :" من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه لما يرى من الشبهات " .
قال : هذا قول الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، فلا يحملن أحداً منكم حسن ظنه بنفسه وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينة في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء فيقول : أداخله لأناظره أو لأستخرج منه مذهبه فإنهم أشد فتنة من الدجال، وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر ودقيق الكفر حتى صبوا عليهم .
وذكر أن محمد بن السائب كان من أهل السنة، فقال : نذهب نسمع من هؤلاء فما رجع حتى أخذ بها وعلقت في قلبه . أ . هـ ومثله كثير .
والهوى :
كل ما خالف الحق، وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال والأفعال والمقاصد، فالهوى ميل النفس إلى الشهوة، ثم يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية، وفي الآخرة إلى الهاوية !!
فميل النفس إلى الثناء ومدح الناس وتعظيمهم إياه وطلب الرفعة عليهم في رئاسة أو صفة هو الهوى .
وقد ذم الله اليهود لاتباعهم لأهوائهم، حيث قادهم ذلك إلى تبديل شرع الله والكفر بالرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الوحي .
وسبب ذلك اتباعهم لأهوائهم، قال تعالى : { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتهم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} [سورة البقرة الآية 87] . وقال تعالى : { لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون } [ المائدة ، الآية : 70]
فاتباع الهوى هو أصل الضلال والكفر، ومعلوم أن ذلك يتفاوت تفاوتاً عظيماً، فمن اتباع الهوى ما يوصل إلى ما ذكر، ومنه ما هو أقل من ذلك، وكل من خالف الحق لا يخرج عن اتباعه للهوى أو الاعتماد على الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، كما قال تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس } [سورة النجم ، الآية :23] . فإن كان يعتقد أن قوله صحيحاً وله فيه حجة يتمسك بها فغايته اتباع الظن الذي لا يغني من الحق شيئا وتكون حجته شبهات فاسدة مركبة من ألفاظ مجملة ومعان متشابهة لم يميز بين حقها وباطلها، فإذا ميز الحق فيها عن الباطل زال الاشتباه
|