
2013-04-19, 04:06 PM
|
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
|
|
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 430
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
أنبياء الله في القرآن العظيم
(إبراهيم عليه السلام)
وبعض آيات من سورة الصافات
(17)
سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.
يا للأدب مع الله ! ويالروعة الإيمان . ويالنبل الطاعة . ويالعظمة التسليم !
ويخطو المشهد خطوة أخرى وراء الحوار والكلام . . يخطو إلى التنفيذ :
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ – 103
ومرة أخرى يرتفع نبل الطاعة . وعظمة الإيمان . وطمأنينة الرضى وراء كل ما تعارف عليه بنو الإنسان . .
إن الرجل يمضي فيكب ابنه على جبينه استعداداً . وإن الغلام يستسلم فلا يتحرك امتناعاً .
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ – 104
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ – 105
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ – 106
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ – 107
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ – 108
سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ – 109
كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - 110 إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ – 111
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ – 112
قد صدقت الرؤيا وحققتها فعلاً . فالله لا يريد إلا الإسلام والاستسلام بحيث لا يبقى في النفس ما تكنه عن الله أو تعزه عن أمره أو تحتفظ به دونه , ولو كان هو الابن فلذة الكبد . ولو كانت هي النفس والحياة .
وأنت - يا إبراهيم - قد فعلت . جدت بكل شيء . وبأعز شيء . وجدت به في رضى وفي هدوء وفي طمأنينة وفي يقين . فلم يبق إلا اللحم والدم . وهذا ينوب عنه ذبح . أي ذبح من دم ولحم !
ويفدي الله هذه النفس التي أسلمت وأدت .
يفديها بذبح عظيم . قيل : إنه كبش وجده إبراهيم مهيأ بفعل ربه وإرادته ليذبحه بدلاً من إسماعيل !
وقيل له : ( كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ). . نجزيهم باختيارهم لمثل هذا البلاء . ونجزيهم بتوجيه قلوبهم ورفعها إلى مستوى الوفاء . ونجزيهم بإقدارهم وإصبارهم على الأداء . ونجزيهم كذلك باستحقاق الجزاء !
ومضت بذلك سنة النحر في الأضحى , ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يرتفع منارة لحقيقة الإيمان . وجمال الطاعة . وعظمة التسليم . والذي ترجع إليه الأمة المسلمة لتعرف فيه حقيقة أبيها إبراهيم عليه السلام , الذي تتبع ملته , والذي ترث نسبه وعقيدته .
ولتدرك الأمة طبيعة العقيدة التي تقوم بها أو تقوم عليها ولتعرف أنها الاستسلام لقدر الله في طاعة راضية واثقة ملبية لا تسأل ربها لماذا ?
ولا تتلجلج في تحقيق إرادته عند أول إشارة منه وأول توجيه . ولا تستبقي لنفسها في نفسها شيئا , ولا تختار فيما تقدمه لربها هيئة ولا طريقة لتقديمه إلا كما يطلب هو إليها أن تقدم !
ثم لتعرف أن ربها لا يريد أن يعذبها بالابتلاء , ولا أن يؤذيها بالبلاء , إنما يريد أن تأتيه طائعة ملبية وافية مؤدية . مستسلمة لا تقدم بين يديه , ولا تتألى عليه , فإذا عرف منها الصدق في هذا أعفاها من التضحيات والآلام . واحتسبها لها وفاء وأداء . وقبل منها وفدّاها . وأكرمها كما أكرم أباها . .
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ.
فهو مذكور على توالي الأجيال والقرون . وهو أمة . وهو أبو الأنبياء . وهو أبو هذه الأمة المسلمة . وهي وارثة ملته . وقد كتب الله لها وعليها قيادة البشرية على ملة إبراهيم . فجعلها الله له عقباً ونسباً إلى يوم الدين .
سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
سلام عليه من ربه . سلام يسجل في كتابه الباقي . ويرقم في طوايا الوجود الكبير .
كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.
كذلك نجزيهم بالبلاء . . والوفاء . والذكر . والسلام . والتكريم .
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ.
وهذا جزاء الإيمان . وتلك حقيقته فيما كشف عنه البلاء المبين .
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ.
ثم يتجلى عليه ربه بفضله مرة أخرى ونعمته فيهب له إسحاق في شيخوخته . ويباركه ويبارك إسحاق . ويجعل إسحاق نبياً من الصالحين :
وتتلاحق من بعدهما ذريتهما . ولكن وراثة هذه الذرية لهما ليست وراثة الدم والنسب إنما هي وراثة الملة والمنهج : فمن اتبع فهو محسن . ومن انحرف فهو ظالم لا ينفعه نسب قريب أو بعيد...
كانت مصادر التفسير في هذا اللقاء:
( في ظلال القرآن )
*******
فإلى الملتقى إن شاء الله تعالى..
|